يبدي المتابعون والمختصون في الشأن الغذائي والزراعي اهتماما بالانخفاض التدريجي الخاص ببعض المحاصيل الزراعية في عدد من مناطق العالم، وبشكل لافت في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالتالي قدرة أكبر بلد مصدر للغذاء في العالم على تلبية احتياجات الصناعات الغذائية، وماتتطلبه من مكونات رئيسية مثل الذرة وفول الصويا، والقمح، فضلا عن احتياجات مزارع الماشية، ومنتجي الإيثانول الملحة. وبحسب المتابعين "يؤدي ذلك النقص الحاد والملاحظ للأمطار أيضا إلى الجفاف المقلق لتلك الممرات المائية المهمة والاستراتيجية، وكذلك إبطاء النقل الخاص بشحنات السلع الأولية عبر الأنهار المعروفة إلى موانئ التصدير الرئيسية في خليج المكسيك كواحد من الأمثلة الحية" حيث تحرص (الرياض) على متابعة مستجدات ذلك الموضوع المثير للجدل، والمتعلق باحتياجات العالم من الغذاء. ويطرح مختصون تساؤلات صريحة ومباشرة حول " ما اذا هددت الأوضاع القائمة بتكرار ماحدث سنة 2010 في الأراضي الروسية، حيث اضطرت الجهات المختصة هناك الى اصدار قرار حاسم تمثل في فرض الحظر التام على الصادرات الخاصة بانتاج الحبوب". وكنتيجة طبيعية، فقد خلى اسم روسيا كبلد مصدر ومهم في انتاج الحبوب عن القائمة الخاصة بالمصدرين حوالي السنة وفق تقرير صدر أخير ويكشف جوانب مهمة، فالملاحظ على كفة الميزان الأخرى، كانت مسألة امن الغذاء الداخلي ذات أهمية قصوى بعد ان تعرضت البلاد لموجات من الجفاف والحرائق اتلفت ثلث المحاصيل. وفي حين سجلت أسعار الذرة مستوى قياسيا جديدا عند 8.2 للبوشل بسبب موجة الجفاف التي ضربت الولاياتالمتحدة، تشير توقعات بأن " تضطر البلاد لخفض صادراتها من الحبوب ثلاثة اضعاف هذه السنة". ووفق التقرير نفسه " فقد تعرضت مناطق مختلفة في روسيا، والعالم لأحوال جوية سيئة تراوحت ما بين درجات الحرارة القياسية، والأمطار الغزيرة، الأمر الذي أدى إلى إلحاق أضرار بمساحات معينة من الأراضي المزروعة بالحبوب"، ودفع هذا الوضع إلى "ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية، وكذلك إلى تراجع التوقعات بشأن محاصيل العام الجاري في روسيا من 94 مليون طن إلى 80 مليون طن، علما بان المعلومات الأولية تشير إلى أن المزارعين خسروا نحو 6% من الأراضي المزروعة بالحبوب". وذكر تقرير مقتضب "جيسون نيكولز" الخبير في الأرصاد الجوية وكتحليل شامل لتوقعات الطقس المستقبلية وفق رويترز "أن هناك مؤشرات بتحسن فرص هطول الأمطار في وقت لاحق من الأسبوع الحالي على مناطق تعاني من الجفاف في الغرب الأوسط الأمريكي مما يحسن من وضع محاصيل الذرة وفول الصويا". وهنا يتوقع محللون طبقا للتقرير الآنف الذكر "بلوغ أسعار القمح الروسي في الأمد القصير مستوى 300 دولار للطن الواحد في موانئ التصدير على البحر الأسود، وهو سعر قريب من أعلى مستويات الموسم الماضي". وتنتظر منافذ الأسواق صدور تقرير "وزارة الزراعة الأمريكية" عن حالة موسم الذرة الأمريكي، فقد يسكب زيت على نار الأسعار، أو على العكس قد يطفؤها بالماء حال جاء التقرير متفائلاً بحالة الموسم. وفي اطار تداعيات تلك الأزمة، ذكرت وزارة المالية في الصين أن الحكومة قامت بتخصيص مايقارب 340 مليون يوان (53.8 مليون دولار أمريكي) لتلك المناطق التي تضررت جراء ماخلفته الفيضانات وكذلك الجفاف. وزاد بيان الوزارة وفق وكالة "شينخوا" أن الصندوق الذى خصصته وزارة المالية، ووزارة الموارد المائية سيستخدم لاصلاح المنشآت المائية التي تضررت في الفيضانات بمقاطعة جيانغشى, ودعم السيطرة على الفيضانات بمقاطعات جنوب البلاد، والمساعدة على الاغاثة من الجفاف. وفي الاطار نفسه، يشير التقرير الدولي المشترك إلى أن ارتفاع معدل الدخل الفردي في إطار من النمو السكاني المطرد، واتجاه الهجرة من الريف إلى الحضر، وتغيّر نظام الحِمية الغذائية لدى البلدان النامية تشكل مجتمعة إلى جانب الطلب المتصاعد على أرصدة الوقود الحيوي ضغوطاً إضافية على الطلب الاستهلاكي. وتضيف المنظمة وبتحذير مباشر "وفي الوقت ذاته، فأن الناتج الزراعي من الصادرات التقليدية لدى البلدان الصناعية كان بطيئاً في استجابته للأسعار الأعلى خلال العقد الماضي، مما استتبع تلبية الطلب الأعلى على نحو متزايد من الإمدادات التي تصل إلى الأسواق بتكاليف أكثر ارتفاعاً". وتنعكس تهيئة تلك البيئة المواتية وفق التقرير نفسه الذي تحرص " الفاو" على تفعيله اعلاميا "علي ضمان تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، ولذا فأن الحكومات ملزمة بتقليل القيود التجارية وتحجيم خطط الدعم المحلية التي تقود إلى تحريف الحوافز للإنتاج والاستثمار في الزراعة". ولذا وبحسب مسؤولي المنظمة التي تتخذ من روما مقرا لها "فان هناك ثمة ضرورة إلى تطوير خطط الاستثمار الوطنية، ورصد مساعدات إنمائية متزايدة لجهود البحوث والتطوير في خدمة الزراعة، وتبني الإبداع، وتنمية البُنى التحتية الأساسية"، ونظل بالتالي مسألة الغذاء ذات أبعاد اقتصادية وانسانية.