منذ سنوات عندما يقرر شخص ما الذهاب لأداء العمرة في رمضان يسأل القادمين من مكة عن عدد المعتمرين والزحام في الحرم، ومنذ أن بدأت قناة القرآن الكريم الفضائية ببثها الحي والمباشر من الحرم الشريف، توقف هذا السؤال، لأن كل واحد يعرف كل شيء من خلال ما تبثه الكاميرات الموزعة في كل ركن من أركان الحرم المكي الشريف وكذلك المسجد النبوي الشريف، إنه تلفزيون الواقع، والذي يجعل كل مشاهد يتابع ما يحدث حياً على الهواء، بالطبع تلفزيون الواقع كان حاضراً وبقوة في ميادين تونس ومصر وليبيا واليمن وإلى حد ما سوريا، وفي العام الماضي خلال شهر رمضان الكريم تابعنا الأيام الأخيرة للقذافي، وأملنا بالله في هذا الشهر أن نسعد بمتابعة نهاية طاغية الشام الأسد. الجميل في تلفزيون الواقع أو البث الحي أن المشاهد يرى ويتابع ما يحدث فعلا دون اختلاق أو تمثيل، بالمقابل يسعى الكثير من منتجي المسلسلات والافلام تصوير الواقع، وهذا يكلف الكثير من الأموال، لأن بعض الأعمال الدرامية يتطلب تنفيذها بناء مدن مصغرة اضافة إلى تهيئة الممثلين للقيام بالأدوار وفق النص،والمشاهد أصبح لديه الوعي بحيث يلاحظ أي شيء خارج إطار العمل أو نشاز،وقد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي ملاحظات على بعض المسلسلات التي تعرض حالياً في رمضان مثل الممثلة التي شاركت في مسلسل عمر بطقم تقويم أسنان، أو وجود سيارة يوكن في نفس المسلسل، أو كما سمعت "لم أشاهد العمل" وجود جهاز الآيفون في مسلسل ساهر الليل، والذي تدور أحداثه فترة غزو الكويت. انتاج العمل الدرامي أو السينمائي ليس بالأمر الهين، وكلما كان تنفيذ العمل محكماً وقريباً من الواقع حقق متابعة جيدة من قبل المشاهدين. والملاحظ في أغلب الأعمال الخليجية اختيارها لمواقع تصوير مترفة، وبذلك هم لا يصورون الواقع تماماً، وإذا كانت أماكن التصوير معقولة ومناسبة، نفاجأ بشخصيات المسلسل غير طبيعية، أشبه بالمعاقين أو المتخلفين، على الرغم بأن الممثل المتميز هو من يقنع بأدائه دون تكلف. الجميل في هذا الشهر الكريم أن برامج الكاميرا الخفية انقرضت إلى حد ما، بصورتها العربية المشوهة، بالمقابل بدأت مرحلة تقليد الفنانين والمذيعين والمشاهير، كل ذلك لأجل الضحك، ولكن وماذا بعد؟.، لدينا عدد من الممثلين الموهوبين، لديهم قدرة على تقمص الأدوار المختلفة، لديهم حضور فني جيد، ولكنهم يفتقدون العمل الجيد والهادف، ألا يتساءل من ينتج تلك البرامج عن نجاح المسلسلات التركية، بكل تأكيد هم يعرفون أن تلك الأعمال تتميز بالنص أو الحكاية الجيدة والتصوير الواقعي والأداء البسيط غير المتكلف، لماذا لا يبحث عن نص جيد، ومن ثم يتم اختيار الممثلين كل واحد وفق الشخصية المناسبة له، وبعد ذلك يتم تنفيذ العمل باتقان وفق الواقع الخاص بالمسلسل، وكلما كان الطرح بسيطا وواقعيا كلما كان قريباً من المشاهدين، أتمنى أن نسعد بمتابعة أعمال متميزة في الأعوام المقبلة.