أحد الأصدقاء طلب مني منذ مدة أن أشاهد موهبة ابنه في التمثيل، قلت لا بأس لنشاهد موهبته المبكرة، وفي منزله طلب من ابنه أن يقوم بتأدية بعض الحركات أمامنا، وليته لم يفعل، ابنه لم يتجاوز الخمس سنوات، بدأ بأداء حركات وتقليد بعض المتخلفين عقلياً، سألته ماذا يفعل؟ قال:إنه يمثل. ألا تشاهد بعض الممثلين، هم يؤدون أدواراً شبيهة بما قدمه ابني. معه حق، أقول ذلك بعد مشاهدة بعض الأعمال الدرامية السعودية في هذا الشهر الفضيل، وحتى لا أفهم خطأ، لابد أن أنوه بأن لدينا عدداً من الفنانين المتميزين ربما على مستوى الوطن العربي، ولديهم القدرة على تقمص العديد من الأدوار و"الكركترات"، المشكلة هي الاعمال الدرامية، ما نشاهده في هذا الشهر الكريم من مسلسلات تعتمد على الحلقات المنفصلة كل حلقة تناقش قضية اجتماعية، ولكن للأسف لم نشاهد مسلسلاً درامياً من حلقات متصلة إلا ما ندر، المشكلة في هذه الدراما هي المبالغة في كل شيء، في أداء الممثلين، في الحدث، في الاخراج، في مواقع التصوير، لدرجة أن البعض يتساءل هل فعلا يحدث ذلك في السعودية، حتى الآن لم أشاهد عملاً تلفزيونياً يمثل المجتمع السعودي ببساطته وفئاته ومشاكله البسيطة والمركبة، المبالغة تسيء دائماً للعمل، في المسلسلات التركية وهي للأسف الأكثر حضوراً في غياب الدراما العربية، نجد أن بائع الفطائر "كمثال" لديه فعلاً محل فطائر، كما نشاهده عندما نذهب إلى تركيا، وهذا مثال بسيط جداً، المشكلة أنه لا يوجد وعي بالإنتاج الدرامي، وتصوير البيئة كما الواقع، بدءا من ملابس الممثلين وطريقة حديثهم، وانتهاءاً بأثاث البيت والموسيقى التصويرية المصاحبة. نحن نستمتع بكثير من المسلسلات وندمن على متابعتها، ولكن إضافة إلى ذلك نتمنى آن يتجه التلفزيون السعودي وهو "كما نسمع" يدفع مبالغ كبيرة للإنتاج الدرامي، إلى انتاج مسلسلات مكتملة نصاً وتمثيلاً وإخراجا، لدينا الكثير من الكتاب والمبدعين، وأيضاً لدينا ممثلون موهوبون ومخرجون لديم تجارب جيدة ومتميزة، لقد تعبنا من دراما المشوهين، ففي عرف كثير ممن شارك في بعض المسلسلات التي تعرض في رمضان، أنه لا مانع من القيام بأي دور، أهبل.. متخلف.. كومبارس يتلقى الصفعات والركل والإهانه، المهم أن يمثل، بالطبع بعض هؤلاء يتجاوزون تلك الأدوار لوجود الموهبه لديهم، ومنهم يعرف ألا مكان له في هذه الدراما إلا بدور كومبارس، فيغادر الوطن ويحقق بعضاً من التميز في الأعمال الدرامية الخليجية، أما البقية فيبقون في دائرة المشوهين، لأحد سببين ، عدم وجود الموهبة، أولصعوبة وجود الفرصة. أنا لا اتحامل مطلقاً على الانتاج الدرامي الحالي، ولكن أبحث عن حل لتقديم أعمال تتجاوز المحلية إلى العربية والعالمية، ونحن قادرون بإذن الله على ذلك، الأمر يحتاج إلى الصدق والإخلاص، ومحاربة كل ما يشوه الثقافة في المملكة.