حينما أصدر الاتحاد الدولي للتاريخ والإحصاء تصنيفه حول دوريات كرة القدم الأقوى في العالم والذي حلّ فيه الدوري السعودي في المركز الخامس عشر عالمياً، والأول عربياً وصفت هذا التصنيف بأنه نكتة سمجة، وصرت أكثر قناعة بوصفي بعدما قرأت تصريحاً لرئيس الاتحاد الشيخ محمد بن صقر القاسمي يؤكد فيه أن المعيار الذي استندوا عليه هو نتائج الأندية في البطولات القارية. وصفي للتصنيف بذلك الوصف لم يتأتَ من عقدة جلد الذات الوطنية التي يعانيها البعض، وإنما تأتى من احترامها، إذ ليس من العقلانية في شيء القبول بهكذا تصنيف، إلا أن نقبل على أنفسنا الاستبلاه، والاستغباء، وإلا فإن المعايير العالمية التي يتم الاستناد عليها عادة لتصنيف الدوريات الأقوى عالمياً لا تعدو جملة معايير تتعلق بالقيمة الفنية، ونوعية اللاعبين وقيمهم السوقية، ومستوى المنافسة، وحجم الاستثمارات، وعدد القنوات الناقلة، والحضور الجماهير، وانتظام الروزنامة، بالإضافة إلى معايير أخرى لوجستية تتعلق بالاستادات الرياضية، والتغطية الإعلامية، وشبكتي المواصلات والاتصالات، وغيرها. كل تلك المعايير إذا ما تم تطبيقها على الدوري السعودي فإنها لن تمنحه أبداً القدرة على أن يأتي في هذا المركز المتقدم على حساب دوريات تتمتع بدرجات متقدمة في هذه المعايير في كل قارات العالم، وهو ما يفتقده الدوري السعودي في جلها، إن لم يكن جميعها، على الرغم من محاولات الترقيع الموسمية للشقوق التي تملأ ثوبه، والتي لا يكاد تتم تسوية شق فيه حتى يتوسع الشق الذي يليه، أو تظهر شقوق أخرى في مكان آخر، ولا أدل على ذلك من أن يعلن الاتحاد السعودي عن نيته في تأجيل مباراة الرائد والاتحاد في الجولة الأولى من عمر الدوري لأسباب تتعلق بأزمة حجوزات الطيران! الأسوأ من ذلك أن ثمة مصادر إعلامية تتحدث عن احتمالية تأجيل أكثر من مباراة لذات الأزمة، على الرغم من أنها ليست أزمة طارئة بل تكاد تتكرر موسمياً دون أن يكون لها حل، والأسوأ من كل ذلك أن المسؤولين على الكرة السعودية يطلقون الوعود تلو الوعود سنوياً بدوري مختلف تتوفر فيه أعلى درجات الاحترافية؛ لكن لا يكاد يبدأ الموسم حتى تتبخر كل تلك الوعود وتذروها رياح الحقيقة. ليس عنا بعيدة تصريحات رئيس رابطة دوري المحترفين محمد النويصر التي أطلقها نهاية أبريل الماضي بمجرد أن طوى الدوري آخر صفحاته حينما شدد على أنهم في الموسم المقبل سيعملون على القضاء على تأجيل المباريات تماماً حتى لو بلغ الأمر تأمين طائرة خاصة في حال عدم وجود حجوزات، وها هو قطار الدوري لم يتحرك بعد واتحاد الكرة لا يخجل في الإعلان عن نيته في تأجيل مباراة في جولته الأولى! واقع الحال يقول إن الدوري السعودي يعاني كثيراً، إما لأسباب بنيوية لا علاقة بالقائمين عليه بها، وهي تلك التي تتعلق برداءة المنشآت، وسوء المواصلات، كونها أسباب حكومية صرفة، أو لأسباب تنفيذية تتعلق بعدم قدرة القائمين عليه على تطويره بالشكل المنشود استثمارياً، وجماهيرياً، وتقنياً، والأهم من ذلك كله على مستوى الروزنامة التي تليق بدوري تحترم فيه الحدود الدنيا من الاحترافية، على الأقل حتى لا تتكرر عادة "أبو طبيع" المخجلة سنوياً!