يتكئ الآذان في "الحرم المكي الشريف" على تاريخ مضيء يجسد التطور التاريخي في طرق رفع نداء الآذان، إذ يذكر كبار السن في "مكةالمكرمة" ملامح آلية تطور رفع الآذان، لكن الذي لا يدركه كثيرون أن استخدام "المزولة" كأداة مؤقتة للآذان في الحرم المكي كانت من الوسائل المهمة، حيث يحتفظ معرض عمارة الحرمين بجهاز للمزولة؛ لقياس الوقت، وكانت مثبتة على بئر زمزم ومؤرخة في عام (1023ه)، كما أن الملك عبدالعزيز -غفر الله له- أول من أدخل الساعة لاستخدامها في تحديد مواعيد الآذان بالحرم المكي، وهي عبارة عن ساعة عملاقة أدخلت في الخمسينات الهجرية، واليوم تعد المكبرية المطلة على صحن المطاف أهم مركز تحكم عالمي في العالم لرفع الآذان من بيت الله العتيق، إلى جانب أنها من أبرز المعالم التي تحيط بمطاف الحرم المكي. ويتناوب ما يقارب (14) مؤذناً في "الحرم المكي" على رفع الأذان، أغلبهم كما قال عنهم المؤذن "محمد يوسف" أنهم من أبناء أُسر عرفت بخدمة "الحرم المكي" من خلال رفع الاذان، فثمة أُسر لها ما يقارب (70) عاماً في رفع الاذان. وعادة ما يخضع اختيار المؤذنين في الحرم المكي لرأي لجنة يشترك فيها عدد من أئمة الحرم المكي وشيخ المؤذنين كما ذكر الشيخ "محمد يوسف" أن من أهم شروط المؤذن التقوى والورع، والصوت الحسن، حيث عادة ما يسجل صوت أي متقدم في شريط كاسيت لسماعه قبل إجراء المقابلة الشخصية له، مبيناً أنه يصدر جدول بين المؤذنين الرسميين والاحتياطيين من قبل "شيخ المؤذنين" للعمل وفقاً به، ذاكراً أنه يجتمع أكثر من سبعة مؤذنين في المكبرية فجر يوم عيد الفطر المبارك للمشاركة في أداء تكبيرات العيد. وقال:"كانت المأذنة تقليدية في الحرم المكي قبل ظهور الساعات، حيث تعتمد على حساب وقت الزوال ومن ثم الإشارة للمؤذنين برفع الاذان الذي كان يرفع أولاً فوق المآذن إلى أن ظهرت مكبرات الصوت، وتم تخصيص موقع شمال "الكعبة"، قبل أن يتغير إلى مكان آخر جنوب "الكعبة" عرف بالمكبرية. وأضاف:"تم توسعة (المكبرية) مع توسعة (الحرم المكي)؛ نظراً لزيادة عدد المؤذنين، وإضافة أجهزة مكبرات الصوت، وضم مهندس صوت يتأكد من أداء المكبرات، ثم يعطي الإشارة للمؤذن قبل رفع الاذان بثوان"، مبيناً أنه أصبح مباشرة على الهواء بواسطة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة المتصلة مباشرة مع المكبرية. وذكر أنه كان يصعد مع بقية زملائه إلى منارات الحرم لرفع الاذان قبل (55) عاماً، قبل أن تدخل تقنية مكبرات الصوت. واليوم رفع الاذان لأول مرة من فوق توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز بتقنية فائقة في هندسة الصوت عبر المآذن الجديدة التي تعتلي التوسعة العملاقة، وهي صورة حديثة لتاريخ عناية المملكة بنداء الحق لرفع شعائر الركن الثاني من أركان الدين الحنيف.