دخل صريح المسجد ليؤدي صلاة التراويح جماعةً مع المصلين.. ثم ألقى التحية بيده ثم باشر صلاة تحية المسجد في أول صف من صفوف المصلين.. وبعد أن انتهى أطلق لنظراته العنان يمنة ويسرة، لعلّه أن يحصي عدد جيرانه الذين أتوا للصلاة، ومن لم يجيء. رفع الإمام صوته بإعلان وقت الإقامة.. سارع "صريح" بالتكبير ليخشع في صلاته التي يمضيها الإمام بالترتيل والتجويد بصوت يضفي كثيراً من الخشوع على المصلين.. فيما انشغل "صريح" بالتحرك يميناً ويساراً، يفرك ركبتيه بيديه ثم يعاود استقامة جسده من جديد في الصلاة.. فعل ذلك مجدداً ومرات عديدة.. وأثارت حركته امتعاض بعض المصلين، لكن "صريح" قلق ويريد أن يسلم الإمام لإنهاء صلاة العشاء سريعاً.. وما كاد أن ينتهي حتى نهض بسرعة البرق ليخفف من برودة التكييف فيما نظر إليه البعض بنصف نظرة إزدراء. عاود الإمام التكبير واصطف "صريح" مع المصلين وهو مرتاح؛ بعد أن تيقن من أنه لا يوجد برودة في المسجد تزيد من أوجاع ركبتيه.. ازدحم المسجد وازداد "الحر" وبان قلق المصلون وشتت انتباههم وخشوعهم، يرفع أحدهم يديه لمسح العرق المتصبب من جبينه، فيما راح آخر يبحث عن مناديل لذات الغرض.. و"صريح" خاشع مطمئن في صلاته.. أنهى الإمام تسليمته الثانية ونهض أحد المصلين في محاولة لرفع برودة التكييف وبادره "صريح" رافعاً يده وملوحاً بعدم فعل ذلك، في محاولة لاستدرار العطف وضرب على أحد ركبتيه في توجع ليبدي للمصلي أنه يتضرر من البرودة الشديدة بسبب عظامه.. وعاد المصلي متخاذلاً إلى مكانه وعاد الإمام لإتمام صلاة التراويح.. وزادت سخونة المسجد من فرط الحرارة، وامتعض المصلين حتى باتوا يكملون الصلاة بدون خشوع في قلق شديد فيما يردد "صريح" خلف الإمام بعض الآيات وعندما انتهت التسليمة خرج كثير من المصلين دون إكمال الصلاة، بحثاً عن مسجد بارد، فيما يهز "صريح" رأسه ممتعضاً "شهر واحد ولا تتحملون إكمال صلاة التراويح كاملة!". وخزة: جُعل المسجد لمختلف شرائح المجتمع للكبار والأطفال والأصحاء والمرضى.. فليس من العدل أن يستأثر أحد المصلين بما يناسبه في المسجد ليرتاح ويُقلق راحة البقية كما فعل "صريح" وآخرون مثله.