نتحدث كثيراً - إعلاماً وجمهوراً - عن سوء الواقع الذي تعيشه الرياضة السعودية على أكثر من صعيد، ونربط ذلك غالباً بالنتائج، إذ نرى جميعاً أن تدهورها على مستوى غالبية الألعاب دليل واضح على هذا التدهور، لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائماً في هذا السياق.. لماذا تتجلى لعبة كرة اليد دون غيرها على مستوى الأندية والمنتخبات وسط هذه العتمة لتفرض نفسها ليس إقليمياً وحسب بل قارياً وعالمياً؟! الجواب ليس بالسهولة التي يظنها البعض بحيث يقال إن السبب يكمن في وجود اتحاد لعبة منظم، وأندية محبة للعبة، ولاعبين مخلصين، هكذا وحسب، لأن هذه العناصر الثلاثة لا تكفي وحدها أبداً للإمساك بحبال الإنجاز إقليمياً، فكيف بالقبض على حباله قارياً وعالمياً، كما فعل نادي مضر بتحقيقه بطولة آسيا وتأهله لبطولة العالم للأندية، وما فعله المنتخب الأول بتحقيقه للبرونزية الآسيوية وفوزه ببطاقة العبور لبطولة العالم للرجال خصوصاً مع حالة التقتير المادي التي تصل إلى حد عدم تحقيق أدنى متطلبات الكفاف! إنجاز كرة اليد السعودية من خلال مضر والمنتخب هو الإنجاز الأقوى في كشف حساب الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وهو الحساب الذي يشكو من الإفلاس على مستوى المنجز، ومع ذلك هل تعاملت الرئاسة مع الاتحاد بتمايز عن تعاملها مع الاتحادات الأخرى، بحيث يحظى - مثلاً - بدعم مغاير يسيل معه لعابها ويحرضها على الانجاز، وهي التي لا عمل لها إلا اجترار الخيبة تلو الخيبة. أبداً لا لم نشعر بذلك، ولم نلمسه. من يتابع حراك اتحاد اليد وأنديته، سيشعر بأن تحقيق المنجز تلو الآخر ليس محرضاً لرعاية الشباب، ولا حتى اللجنة الأولمبية لفتح أذرعهما لاحتضان اللعبة، والأخذ بيدها، وهي اللعبة التي أذاقت الرياضة السعودية الشهد، وإلا لما تداعى رئيس الاتحاد عبدالرحمن الحلافي لإعلان استقالته بشكل مفاجئ، وهو الذي لم يمضِ في مشوار رئاسته سوى عام ونيف، ولما خرج مسؤولو مضر وناديهم على أبواب بطولة العالم ليشكوا لطوب الأرض من الفاقة والعوز، حتى ليشعرك بأن هذا النادي ليس مقبلاً على تمثيل الوطن في بطولة عالمية، وإنما ذاهب ليلعب في دورة من دورات فرق الحواري! ها هو المنتخب لم يعد بينه وبين بطولة العالم في إسبانيا سوى خمسة أشهر، ومع ذلك لم يدشن استعداداته للبطولة حتى اللحظة، في حين استنفرت المنتخبات المتأهلة منذ لحظة تأهلها، والسبب مادي صرف، وأعظم منه مضر الذي سيكون في الدوحة بعد بضعة أسابيع بين أعتى أندية العالم، ولما يستطع تنفيذ خطته بمعسكر لمدة أسبوع واحد فقط وفي دولة عربية، أقول عربية وليست أوروبية، ولا يزال يتسول صالة يتدرب عليها بعد أن وئدت بخطاب مؤسف من الرئاسة، وبدعم فاضح يكشف المستور! يكفي لقول إن خطاب الرئاسة مؤسف أن الموافقة فيه على إقامة معسكر الفريق جاءت متأخرة عن موعد انطلاقه بأربعة أيام ما أفسد البرنامج تماماً، وأجبر الفريق على الاكتفاء بمعسكر داخلي لبطولة عالمية!، أما كونه فاضحا؛ فيكفي أن يعلم الجميع أن خطاب الرئاسة تضمن قرار الموافقة على خطة إعداد الفريق للبطولة شريطة أن تكون على حسابه الخاص، وهو النادي المدقع فقراً، مؤكدة عدم تحملها وكذلك اتحاد اللعبة أي أعباء مالية، في حين قدمت له دعماً مالياً بقيمة 75 ألف ريال ليشمل المبلغ كل تجهيزات الفريق وإقامته في البطولة بما فيها إركابات محاسب الرئاسة، والإعلامي الموفد منها، والحكمين المرافقين، ولم يبقَ إلا أن تذيل الخطاب بعبارة: عفواً ممنوع الانجاز مرة أخرى!