العنوان أعلاه مقولة أو حكمة إنجليزية.. وترجمتها الحرفية تقول: لا تبتسم لطبيب أسنان.. فالابتسامة قد تُبدي لطبيب الأسنان أموراً كانت خفية عن أسنانك لا تريد أن يعرف عنها أحد.. وبالأخص إن كان طبيب أسنان هو من ينظر إليك وأنت تبتسم.. ابتسامة قد تكلف جيبك الكثير لجعلها (أي ابتسامتك) ابتسامة جميلة.. والحديث عن زملائنا أطباء الأسنان ومهنتهم ليس بجديد على سوانح ومن قبلها غرابيل.. ولكنه حب (قديم) لزملاء المهنة.. قد يكون من أسبابه (مجورة سابقة) بين عيادات الأسنان وعيادات الأنف والأذن والحنجرة.. حيث كنت أعمل قبل ربع قرن من الزمان أو يزيد في مستشفى قوى الأمن.. فلا بد آنذاك من رؤية الزملاء الأعزاء قدوماً للعمل في الصباح الباكر أو انصرافاً منه عند المساء أو بينهما أثناء (الكوفي بريك) عند العاشرة صباحاً.. ويكون أثناء ذلك توزيع وتبادل للابتسامات (بالكوم) وهناك سبب آخر دعاني لمعاودة الحديث عن الأسنان وطب الأسنان هو زيارة لطبيب الأسنان قبل يومين لإصلاح ما أفسده الدهر من أسناني.. مع أنني أخاف مراجعة طبيب الأسنان وأحاول قدر الإمكان عدم الجلوس على كُرسيه لفحص أو علاج.. لا أزال أسمع (أزيز) الدريلات وأدوات الحفر.. وصداها يتردد في رأسي وفكاي اللذين لم يفيقا تماماً إلى الآن من أثر إبرة البنج الرفيعة والقوية المفعول.. ماعلينا.. فلا بأس من ذكر قصة من (أيام زمان) عمن ذهب لطبيب الأسنان (خلاع الضروس) بآلة تُشبه الزرادية.. حيث قال الراوي ان أحدهم اشتكى من ألم في سنه.. فذهب بصحبة صديق له لطبيب الأسنان الشعبي في المقيبرة.. والذي لا يعرف لعلاج مشاكل الأسنان إلا الخلع فقط.. وهو بالمناسبة يقوم بمهن أُخرى لا تقل أهمية وصعوبة عن علاج الأسنان.. وهي الحجامة وتطهير الأطفال.. ومن نافلة القول إن من يقوم بتلك المهن الثلاث يمتهن الحلاقة أيضاً.. ولا أنسى أبو عصام في باب الحارة وهو يقوم بالحلاقة في دكانه.. ويذهب لمن رُزق بمولود ذكر لتطهيره.. وهو يقول (يا الله يا الله) مخبراً نساء البيت الشامي الجميل بقدومه لتطهير المولود تحت زغاريد النساء.. وموائد يبدأونها صباحاَ ب (كسر السفرة) وأعود مكملاً قصة من (أيام زمان) عمن آلمه سنه فذهب برفقة صديق له إلى طبيب الأسنان الشعبي (خلاع الضروس) متألماً.. وبعد أن (تيته) جيداً بمساعدة صديقه.. قام بفتح فمه وتعرف على السن المعطوب فأطبق عليه بألة الخلع.. وبدأ يجره إليه بقوة.. والمريض يصيح ويصرخ من الألم.. وصاحبه الذي أحضره يقول: لا يهمك تراه هوال (شف شغلك يا دختور) وعندما تأخر خروج السن المخلوع رغم الجر القوي والمتواصل تحت صراخ المريض.. أوقف الدختور السحب وفتح فم المريض بحثاً عن السن أين استقرت ولماذا يصرخ المريض أكثر مما كان يفعل غيره من مرضى سابقين.. تبين أنه كان ممسكاً بلسان المريض من (لغاليغه) وليس السن.. وقد تغير لون اللسان للأزرق وكاد أن ينقطع.. وهو يظن أنه يصرخ ويرفع يديه لأنه (هوال) كما قال مرافقه.. وفي الأخير أقول لا تبتسم لطبيب أسنان حتى لو قال لك أو سمعت (بوجود طبيب الأسنان) نكتة تفطس من الضحك.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار الطب الوقائي في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية