لا أحب الحديث عن الأمير نايف "أبا سعود" رحمه الله بكلمة "كان" فهي كلمة ليست محببة لدي، ولا أريدها أن تعبر عن أمير فقدناه بجسده، فمازالت تعاليمه وتوجيهاته حاضرة ، وما زالت إنجازاته الكبرى شاهدة على ما بذله من مجهودات كبرى على صعيد أمن البلاد ورفعتها. ولا شك أن الدور البارز الذي أداه سموه رحمه الله في استتباب أمن هذا الوطن جعله بكل صدق صمام الأمان بعد توفيق الله، وكذلك رجل المواقف الصعبة والمهام المتعددة بما حباه الله من قيادة حكيمة ، وفكر سديد ، وعقل متفتح ، ودراية واسعة في كافة أمور الدولة، ولذا لم يكن غريباً أن تمثل وفاته فاجعة كبرى للشعب السعودي ،والأمة جمعاء كونه من الشخصيات التي تعتبر من أركان الأمة الإسلامية . لم تكن صرامته كما هي فكرة الناس عن من يلي منصبه ، بل كانت ستاراً يخفي وراءه قلباً صافياً محباً للناس ، ولم يكن يرد أحداً يطلبه ، وقد كنت أنا واحداً من الذين قصدوه -وكان الأمر صدفة بدون ترتيب- في أحد الأيام في مسألة خاصة ، فلم أجد منه سوى الاهتمام والتفاعل ، والاستجابة الفورية للمطلب ، ولست أنا سوى فرد من أفراد الشعب ، كان رحمه الله يتعامل معهم كما يعامل أقرب الناس إليه ، فلا يغلق دونهم مكتباً ، فترسخ حبه في قلوب المواطنين الذين جعلهم المسؤول الأول عن أمن الوطن ، وجعل المسؤولين بالدولة خداماً لهم كما كان يردد رحمه الله من أن المسؤول هو خادم المواطن . وقد كان سموه متواضعاً لا يؤمن بالبهرجة الزائفة ، وما زال أهالي شقراء يذكرون تشريفه لهم عند تدشين حديقة الملك فهد ، ويومها جاء كمن يمشي وحده ، حتى أن كثيرين لم يصدقوا الخبر ، وحضروا التدشين ليتأكدوا فقط من أنه هو ، وليس شخصاً آخر. أما عن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد، فلا أدري بالضبط ما الذي يجب أن يقال عنه، فتجربته الإدارية الطويلة ورؤيته الحكيمة ، وثقافته الواسعة ، وقدرته على إدارة الأزمات بكل اقتدار، كل ذلك يؤكد ما وهبه الله من ذكاء ونباهة وحزم وإقدام في اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب فهو قائد ومسؤول قادر على تحمل أعباء المسؤولية. والذين تعاملوا مع سمو ولي العهد يعرفون جيداً مدى ما يتمتع به من مواصفات رجل الدولة،التي جعلته أهلاً لهذه الثقة الغالية من قبل خادم الحرمين الشريفين ايده الله، وجعلت منه سنداً وعضداً لعهد زاهر، تتواصل فيه مسيرة التقدم والرخاء الذي تنعم به بلادنا المباركة. وللأمير سلمان محبة خاصة في شقراء بلداً ومواطنين ، فقد زارها سموه مرتين والاهالي بانتظار الثالثة ، كانت الأولى للوقوف على احتياجاتها التنموية ، ثم كانت الثانية لتحقيق تلك الاحتياجات وتنفيذ مشروع مياه الوشم الكبير(نيابة عن الملك خالد طيب الله ثراه) ويُذكر هذا المشروع مقروناً حالياً بالدعاء لسلمان الأمير الإنسان. يجمع الأمير سلمان دائماً بين القيادي الإداري ، والمسؤول الإنسان الذي يشعر بجميع من حوله، ويشاركهم اهتماماتهم ولا يشعرهم أبداً بالحرج ، وأذكر أن والدي طلب مرة مقابلة سموه ، وبدلاً من العشر دقائق التي تم تحديدها للمقابلة نظرا للأمور الجسام التي تثقل كاهل سموه إلا أن المقابلة طالت لأكثر من ساعة وربع الساعة ، ظل فيها سموه باسماً بشوشاً يسأل والدي عن أحواله وهل هناك حاجة يقضيها له ، وعن شقراء واهلها ، تماماَ كما هي عادة سموه في تقصي أحوال مواطني الرياض وما يجاورها. إننا إن كنا فقدنا شخصية حكيمة عظيمة مميزة وفذة لها إسهاماتها الرائعة في كل المجالات كالأمير نايف رحمه الله، فلا شك أننا كسبنا شخصية ذات حنكة ، وكفاءة إدارية ، وقدرة على اتخاذ القرار، فضلاً عما يملكه سمو الأمير سلمان من ارتباط وثيق بكل فئات المجتمع السعودي، ومعرفة شاملة بمكوناته التاريخية والثقافية والاجتماعية. رحم الله الفقيد وبارك لنا في خليفته ، وأدام الله عزك يا وطني. * عضو مجلس أهالي شقراء