رغم ضخامة جسمها, إلا انها كالفراشة في بيتها الطيني تصحو باكراً مع زوجها هو يذهب لصلاة الفجر وهي تدخل للحظيرة الصغيرة داخل البيت وتحلب بقرتها كالعادة. تُرَوِّب ما حلبته من بقرتها " بالصميل "و " تخضه " داخل إناء طويل مبروم ثم توزعه كالعادة على الجيران. أم عِزيّز تعتني ب" حماتها "-شيخة- الطاعنة بالسن, تحضر القهوة والتمر" القدوع " عند شروق الشمس وقبل ذهاب ابو عِزيِّز. يفاجئهم ابوعِزيِّز, ويقول:" ابشركم اليوم بنشتري تلفزيون, ابوسليمان مهوب احسن منا.!", يذهب كعادته إلى سوق" المعيقلية", محلات على أطراف الحي.. هناك يمتلك " دكاناً "يبيع فيه الطحين والأرز والحنطة وغيرها. دائماً ما يسبقه إلى فتح" الدكان " عاملة اليمني" بُوَبحَ ", إلا في ذلك اليوم, يصل ابو عزيز ويجد الدكان مغلقاً على غير العادة, ويسأل من في السوق:" يالله غربل ذا الولد..إلا أحدّن منكم شاف بوبح", في الدكان المقابل الذي قد لا يراه ابو عِزيِّز من كثرة أكياس الرز المصفوفة في مقدمته, في ذاك الدكان عَامِلٌ اسود, بشكل مفاجيء يجاوبه من بين الأكياس:"صَبِيّك تعيبان طايحن علية كيس وهو نايم..والظاهر انه فتق ظهره, والحين تلقاه في العّزبه مع ربعه". يذهب ابو عِزيِّز للاطمئنان على"بُوَبحَ"في بيت طيني صغير يسكنه مجموعة من اليمنيين ويطلب منه ان لا يعود " للدكان "الا بعد ان يشفى. البطحاء قريبة من" السّوق " ولا يفصلها عن وسط الرياض إلا مجرى للسيول "عِب", ذهب للبطحاء يفكر في هذا الجهاز الجديد" التلفزيون"كيف يعمل وهل يستطيع ان يصافح المذيعين او يتلمس ثيابهم. فجأة يرتعش جسمه ويقول" بسم الله..لا يصيرون سِكِن وانا رايحن اجيبهم للحَوِي", يعود للتفكير" لا يابن الحلال لو فيه شيء كان ما صجنا ابو سليمان كل صبح شفنا وشفنا". يتوكل على الله ويسرع بخطواته للبطحاء, هناك وكالة جديدة تبيع التلفزيونات, صاحب المحل الكبير اخذ يعلمه كيف يوصله بالكهرباء و" الأنتل "ويضغط الزر ليتم تشغيله. ابوعِزيِّز طلب من عامل" حمالي " ان يوصل التلفزيون إلى البيت, في طريقه إلى البيت يمرُّ في شارع الشميسي هناك الكل يعرفه إلى ان يصل للعطايف.. في هذا المشوار اغلبهم يعرفونه, وكُل ما شاهده أحد سلّم عليه وقال" ماشاء الله شريتو ذا البلشه" ابوعِزيِّز دخل في قلبه الرّعب من جديد, لكنه مؤمن بقضاء الله. وصِل إلى البيت مع العامل الذي ساعد في تركيب" الأنتل"على سطح المنزل وإيصال سلكه عبر أسلاك الكهرباء المتدلية من الجدار الطيني. وضعوه فوق سحارة وتم تشغيله لكن لم تظهر الصورة يستغرب ويسأل العامل:" الحين شارينه بذَيك العَدَّة وما يطلع لنا الا ذا النمل.!".العامل لديه معلومات عن التلفزيون ومتى تبدأ برامجه. تظهر ام عِزيِّز وشيخة لمشاهدة هذا المختَرع الغريب, فجأة يظهر المذيع ليعلن برامج اليوم, تقفز ام عِزيِّز تلك السمينة لتهرب اما والدته شيخة فتضع الغطوة على وجهها, وتصرخ على" المذيع " بالتلفزيون:" الحين انت ماتستحي تباحرنا بعيونك جعلها الرّمد"وتنهر ابنها:" ماتخاف الله مدخل ذا الرجال علينا". ابوعِزيِّز مُنَبهر يتلمس الشاشة يحاول ان" يَنغَز" المذيع الا ان اصابعه تصطدم بالشاشة, يتنهّد ثم يضحك ويقول"يوه هذا قزاز مهوب آدمي..افتشي ما يشوفنا"..شيخة وبعد زمن لم تشاهد التلفزيون لأن المذيع ليس بمحرَم لها. مازلنا على ثقافة تلك العجوز شيخة وزوجة ابنها ام عِزيِّز, نُحرّم ونُحلل استقبال بعض القنوات الفضائية دون قرائن ونحارب ثقافتها.