لم تكن خالته نورة بأحسن حال من أمه سعيدة.. يقول دائماً لاصحابه من يوم مات ابوي: "وأنا شايل الغثأ والهم.. مغير ازوطل في هالحريم ولا أهنا فايده"!. مسكينُ "الدّب دحيم" هكذا هم أصاحبه يرددون اسمه، يسايرونه ويمازحونه من دون ملّل، حتى وإن "هاج" عليهم كالثور! لا يكترثون به؟ السبب أنهم يحبون مداعبته. يجتمعون غالباً عند "دكان - يبيع فيه رجل أجنبي يسمونه الشايب "يتكلم بلهجتهم ويقول إنه مولود في الديرة، هذا الدكان يقع "بزاوية الحارة"، يلعبون العكوس وطاش ما طاش والقمرق في الأعياد، نشّل الأولاد الآخرين "هذا الشايب" يبيع الشطة، والبيبسي، قوارير، وعلوك، وبسكويت مالح، وبعضاً من الأرز، والقمح، وعلب الطماطم المطحون، ومستلزمات البيوت، أحياناً في مواسم الأعياد ربما يبيع فساتين "دراريع أم كلوش". الشايب دائماً كان يلمح "للدب دحيم" بعلاج ومساعدة سعيدة واختها، لكن هذا الدب لم يفهم مغزي الأمر. يجلس دحيم عند عتبة الدكان منتظراً أصحابه ممسكاً بيده اليمنى نباله "نباطة" يستطيع أن يصيد بها الطيور، يفاجئه الشايب واقفاً حوله:"الا يا دحيم.. الحين وين خالك ودي أكلمه".. دحيم ينظر إلى أعلى مبتسماً: "الحين كل يوم وانت مشغلني، وين خالك وين خالك"، ينهض دحيم: "سلفني أول ببسي وأعلمك وين خالي!". الشايب يتنهّد ويتمتم "ذا الورع بيغثنا من الحين" بس يالله! بعد أن يخرج قنينة البيبسي ويسحب قطعة من الحديد مربوطة بحبل من المغاط مشبوك بطاولة خشبيه ليفتح بها البيبسي، ياخذ دحيم قارورة البيبسي وغطاءها، القمر، يجمعه ليلعب مع أصدقائه لعبة القمور أو يبيعونه على من يلعبون "الكعابة". المهم يفاجئ دحيم من ينتظر الجواب بان خاله في البيت.. الشايب على عجل وهو يضع ستارة على المحل لاغلاقه، ويقول: "الله يلعنك من بزر، قبلك ثور!"، ينطلق كالريح لبيتهم، يضرب الباب "رغم انه مفتوح": ياولد ياولد، يخرج الخال منيف مستعجلاً: "عسى ماشر"، الشايب: "سلامتك يا منيف بس عندي لك كلمة رأس".. منيف يفتح الباب ويصعد إلى الروشن: "سم.. عسى ما في الولد شي"، الشايب يجلس على طراحة ويسحب المركأة، وينظر إلى منيف: "الحين.. أنت داخل طالع من الديرة وخواتك ضعوف، وذا الولد مهوب بارن فيهم". منيف يرتفع صوته: "وشو.. والله لا احط أذني وأذنية أربع.. معد الا هو!"، الشايب ينظر له: "يابن الحلال.. خله عنك.. وأسمعني، الحين أنا طالبك الزواج من أختك سعيدة، علني أكون عوناً لها بذا الدنيا لين تقوم بالعافية وأساعدها في تربية ذا الولد". منيف يتفاجأ بهذا الطلب ويقول: "الحين أنت مهوب معرس في ديرتكم وعندك عيال"، الشايب: "الا بلا" بس هذا ما يمنع إذا عدلت بينهم، والقصد عونها على الحياة وتربية ذا الولد". منيف يكون خير.. يخرج الشايب من المنزل الطين، ويذهب منيف لسؤال أخته، التي بادرته بقبول الطلب سريعاً، مما وضع علامة الاستفهام لدى منيف، الذي يعرف أن ورث ابو دحيم كبير وربما يكون الهدف بدلاً من العناية بها!. الدب دحيم يسمع من خلف باب - الديوانية - يدخل عليها: "ليه يمه بتعرسين وتخلينا، وش انا مسوين"، أم دحيم "أص.. جعلك الماهص!"، دحيم يعرف أن نوايا الشايب خطيرة واستغلال أموالها"، يخرج من المنزل فيعود منيف للحديث مع أخته: "بعد ان مدد رجليه:" ياوخيتي وشفيتس على الولد.. شوفيه طلع خانقته العبره". بعد زمن ليس بالبعيد تكتشف أم دحيم حيلة زوجها الأجنبي بعد أن سرق منها نصف أموالها بسبب الوكالة وحولها إلى بلاده من دون علمها.. أخيراً تلجأ لاخيها عله يستطيع أن يطلقها، الشايب يهرب إلى وطنه بعد أن عرف أن إجراءات القبض عليه قد بدأت!.