بعد اعترافه بالفشل في مهمته في سوريا قام المبعوث الدولي كوفي عنان بالعودة إلى محاولة تجريب المجرب فزار دمشق وطهران وبغداد. في كل محطة حل بها ردد نفس الكلام بضرورة إشراك إيران في الحل دون أن يشرح لنا كيف يمكن لإيران أن تكون جزءاً من الحل في حين ان المعارضة ترى بأنها منحازة بالكامل وتمثل جزءاً من المشكلة. فهاهو وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي يصرح الاثنين الماضي لوكالة رويترز للأنباء بان "الشعب السوري يجب أن تتاح له حرية اختيار رئيسه بنفسه في الانتخابات المقررة 2014، وان قطاعاً كبيراً من المتمردين ينتمي لجماعات متشددة متطرفة وان أشخاصاً كثيرين من دول مختلفة يتدفقون على سوريا ويرفعون السلاح ضد الحكومة" الحديث عن انحياز إيران للنظام السوري حديث لا يحتاج إلى دليل، وما تصريح صالحي أعلاه إلا الجزء الذي لا تنكره إيران وإلا فان المعارضة السورية ساقت كثيرا من الاتهامات المدعمة بالأدلة بانخراط إيران ميدانياً بالسلاح والمال والرجال في سحق مطالب الحرية والكرامة التي يُذبح من أجلها السوريون كل يوم. يبدو غريباً أن يقع عنان، مرة جديدة، في فخ الرئيس السوري ليتبنى اقتراحه الداعي" لوضع منهج تدريجي يبدأ من بعض المناطق التي شهدت أسوأ أعمال عنف في محاولة لاحتوائه فيها والبناء خطوة بخطوة على ذلك لإنهاء العنف في مختلف أرجاء البلاد." وتشديده على "أهمية المضي قدماً في الحوار السياسي الذي يوافق عليه الأسد" من ينادي بالحوار بين الحكومة والمعارضة في سوريا ويبشر بتشكيل حكومة وحدة وطنية، بناء على ذلك الحوار، هو شخص يعيش خارج هذا العالم. فدماء عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمختطفين تجعل أي فكرة لبقاء الأسد على رأس السلطة مرفوضة تماماً وتجاوزتها الأحداث بكثير. الحقيقة التي لم يدركها عنان بعد هي انه لا يوجد إلا حل واحد يجنب سوريا مستقبل غاية في السواد. فسوريا الآن تعيش، فعلاً، في حرب أهلية توشك أن تتحول إلى حرب طائفية والاستقطاب على أشده وليس هناك، لدى الطرفين، مكان للمحايدين. فالمواطن السوري مطالب اليوم بأن يكون إما مع الثورة أو مع النظام. الحل الذي يضمن بقاء الدولة السورية ويحافظ على هياكلها ويجنبها التقسيم والغرق، لسنوات وربما عقود، في بحر من الدماء يكمن في تنحي الأسد من منصبه لصالح نائبه ومن ثم جلوس الأخير مع المعارضة للحوار حول شكل سوريا المستقبل. هذا هو الحل المثالي أما الحديث عن دور إيراني والوثوق بتعهدات الأسد، التي لم يف يوماً بها، فليس إلا مضيعة لوقت ثمين يمكن أن يشكل الفارق بين بقاء الدولة أو اضمحلالها لمصلحة الدويلات.