تتكرر في كل عام أكاديمي جديد الأسئلة الملحة في أذهان خريجي المرحلة الثانوية من الطلاب والطالبات وذويهم حول التخصص الجامعي الأنسب لأبنائهم. وبالنظر إلى ما يشهده القطاع الجامعي من تطوير وتنويع في التخصصات، قد تبدو المهمة اليوم أصعب بكثير من سنين مضت، آخذين في الاعتبار ما تحمله هذه المرحلة من تبعات تحملها للقادم من حياة الإنسان. وحول هذا الموضوع، أكد عميد القبول والتسجيل بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية الدكتور محمد بن عبدالله السلطان أن مهمة الاختيار قد تكون أصعب في الجامعات غير المتخصصة، بينما هي أسهل بكثير في نظيراتها، فالجامعات الكبرى في السعودية تتعدد فيها التخصصات لدرجة قد تعقد مهمة الاختيار أمام خريجي الثانوية، ولذا كانت السنة التحضيرية ضرورة ملحة مع التطورات الأخيرة في الجانب الأكاديمي. معرفة حاجة سوق العمل في القطاع الخاص والحكومي أمر هام لاختيار التخصص وأضاف: في جامعة العلوم الصحية تتضح رغبة الطالب منذ البداية، فمن الطب، إلى طب الأسنان، إلى الصيدلة، والعلوم الطبية التطبيقية وغيرها من التخصصات ذات العلاقة، تظل نطاقات الاختيار واضحة للطالب وذويه ومستندة أساساً إلى معدلاته وقدراته وشغفه الدراسي. وبالنسبة للدور الأكاديمي في هذا الجانب، أوضح السلطان أن بإمكان الجامعة أن تكتشف في المقابلة الشخصية نقاطاً إضافية من الممكن أن يستفاد منها كمؤشرات وتطويعها لإرشاد الطالب للاختيار الأنسب لقدراته وميوله. د. عبد الله العنزي من جهته، أوضح عميد كلية العلوم الطبية التطبيقية الدكتور عبدالله العنزي أن خريج المرحلة الثانوية يعاني كثيراً قبل أن يختار. ومن المهم للطالب أن يعي حاجة سوق العمل في القطاع الخاص والحكومي لنوع التخصص في مرحلة البكالوريوس تحديداً. فالقطاع الصحي مثلا مقبل على خطط تنموية سوف تحتاج بالضرورة للكثير من المتخصصين في الجانب الصحي وعلوم الطب وتخصصات الطب التطبيقية، ولذا من البديهي أن تكون دراسة الطالب في مرحلة البكالوريوس، إذا اتفقت مع ميوله الدراسية بشكل عام، تنحو في ذات الاتجاه ومع تزايد الحاجة للممارسين الصحيين. وأضاف العنزي أن جامعة العلوم الصحية عقدت ورشاً لطلاب المرحلة الثانوية لمساعدتهم على اختيار تخصصهم الجامعي، كما أقامت أياماً للمهنة لتعريف طلابها بالجهات المحتملة للتوظيف في القطاعين الخاص والحكومي. د. خالد الحربي إلى ذلك، أكد استشاري الطب النفسي والأستاذ المساعد بكلية الطب بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية، الدكتور خالد بن سعد الحربي أنه على خريج المرحلة الثانوية أن يدرك أن قراره هذا سوف يبنى عليه ممارسته العملية طوال فترة حياته، وتأتي حساسية هذه المرحلة المبكرة من حياة الإنسان بسبب ضعف التوعية في المرحلة الثانوية وغياب المعلومة الاجتماعية عن مستجدات الطلب في سوق العمل. مضيفاً، على الطالب ألا يتردد في مصارحة ذويه برغبته الحقيقية وميوله الدراسية، وعلى الأهل أن ينصتوا ويطبقوا مبدأ الحوار للوصول لفهم أفضل. وحول القلق الملازم لصنع القرار أوضح الحربي أن هذه سمة ملازمة لما يعرف بقلق (مفترق الطرق)، ولكن سرعان ما يتجاوزه الطلاب بعد الانسجام مع البيئة الدراسية الجامعية ومعطياتها الجديدة عليهم كطلاب مدارس سابقاً، غير أن الأهم هو الحفاظ على الاتزان النفسي من خلال مواصلة الطالب لدراسة ما يحب وما يعد بكثير من النجاح في المستقبل على الصعيد المهني. وتدخل هنا عوامل إيجابية إضافية كتكوين الصداقات والتنافس الشريف إلى جانب ما يجب أن توفره الجامعة من بيئة نوعية تؤمن بحق الطالب في التعبير عن رأيه وشرح ما قد يؤرقه أثناء مسيرة دراسته.