تسعة فصول تضمنها كتاب الدكتور سعيد بن محمد المليص (حتى لا أنسى: الصفحة الأولى) الذي صدر في أربع وعشرين وأربعمئة صفحة من القطع المتوسط، حيث ضم كل فصل من فصول الكتاب جملة من الموضوعات المتناغمة في سياقها الحياتي عبر ما رصده د. المليص في هذ الإصدار، الذي جعل الفصل الأول منه بعنوان "وفاء وذكرى" بينما جاء الفصل الثاني عن: التعليم: تاريخ ومسيرة. أما الفصل الثالث فعنونه بمجلس الشورى، فالفصل الرابع الذي جاء عن: مكتب التربية العربي لدول الخليج ورحلة جديدة؛ ثم الفصل الخامس الذي وسمه المؤلف بعنوان " الوزارة.. مرة أخرى " أعقبه بالفصل السادس بعنوان: مجلس الشورى.. مرة أخرى؛ اما الفصل السابع فقد جاء عنوان (غامد وزهران تاريخ وحياة وعلم وعمل) أما ثامن فصول الإصدار فقد جعله المؤلف عن (مواقف تربوية وطرف) وصولا إلى آخر فصول الكتاب الذي جعل الكاتب عنوانه " مواقف خارج الوطن " حيث ضمن المؤلف كتابه ملحقا خاصا بالصور في مناسبات مختلفة من حياته العلمية والعملية. صورة يقول د.المليص في حديثه عن هذا الإصدار: حينما طلب مني تسجيل ما كنت أقصه لأحبتي من الزملاء والأصدقاء- وأيضا – الأبناء في بعض جلساتنا ومسامراتنا في الحل والسفر .. وجدتني أمام حقبة زمنية لم أجد مثيلا لها في تسارع الأحداث والمتغيرات المجتمعية والثقافية والاقتصادية التي مرت بها بلادنا، فلقد كنا نسير ولا ندرك كل هذه المتغيرات، لأننا نتسارع نحن وإياها في سباق قد يكون شاركنا فيها بقية العوالم، لكننا مختلفون فيه لدرجة كبيرة.. وأنا حين أسطر بعض المواقف هنا فأنا لا أسجل تاريخا، ولا تسلسلا لحلقات التطور، ولا شيئا خاصا بي لوحدي، فكل أبناء المجتمع الذين عاشوا الحقبة هم شركاء فيها، أو في مثيلاتها مع اختلاف الدرجات في جميع المناشط، ومثال المتغيرات الخاص بي سأورده كأبسط متغير، وفي صورته الصادقة، فأنا ولدت في قريتي وترعرعت فيها في زمن لم تطأ السيارة تلك البقعة، ولم تمر بها أوجه التحضر والمدينة والتعارف عليها بعد، فقربتي وما جاورها لم تعرف حتى الراديو حين ولادتي ونشأتي الأولى، وقس على هذا فيما تبقى.. بمعنى أنني رأيت السيارة والراديو للمرة الأولى في طفولتي المبكرة، ثم سارت الأيام وشرفت ايام عديدة بأن كنت ممن أسهم بما استطعت في بناء الصرح التعليمي في بلادي؛ إن هذه الفترة الزمنية بين هذين الحدثين تبرز هول المتغير الاجتماعي والثقافي الذي حصل في المملكة، وما صاحبه من المتغيرات في أوجه الحياة في هذا البلد. ويضيف د. المليص في هذا السياق قائلا: لعل ما سطرته هنا هو الصفحة الأولى كما تفضل علي أحد أحبتي بتسمية هذا الجزء من السرد، ولقد حاولت أن أبرز شيئا من الحياة المجتمعية في حينه، والتي غدت اليوم من أساطير الأولين كما يسميها هذا الجيل..وكل ما استطيع قوله أنني قلت هنا الحقيقة، ولا استطيع قول أنني قلتها بكاملها في بعض الزوايا، ولكنني أقر أنني لم أقل غير الحقيقة. وعن الكتاب يقول مؤلفه: سيجد القارئ " الفطن " هنات وهنات، وتقصيرا أو نسيانا في الأوراق، ولكن عذري أنني إنسان جبل على النسيان وعدم الكمال، وأتجمل بالقول المشهور للعماد الأصبهاني ( إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه، إلا قال في غده لو غيّر هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، على وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر) ولذلك فإنني أتمنى على من يطلع على هذه الأوراق أن يتفضل علي بإرشاداته وملحوظاته، لعلي أتلافها إن كتب الله لي استكمال وتطوير هذه الأوراق مستقبلا، أو استكمال الصفحات التالية من هذه المذكرات بعون الله. أما عن القارئ فيقول د. المليص: سيجد القارئ الكريم بعض الشواهد على حياة الناس وعاداتهم وتقاليدهم التي كانت كانوا يمارسونها كغذائهم اليوم، بل أبعد من ذلك هناك بعض أقاصيص الرواد الذين نحتوا الصخر بأظفارهم، حتى فاقوا أقرانهم في زمان كان هم غيرهم البحث عن لقمة العيش.. كما سيجد القارئ العزيز وسط هذه المواقف الحياتية تكرارا لبعضها، أو لبعض الأحداث فيها، أو إشارات لبعض أفرادها، وعذري في ذلك شدة تأثير تلك المواقف لدي، إضافة إلى التباعد الزمني في تدوينها وكتابتها، ولذلك أرغب من كل قارئ كريم أن يمدني بما يراه من تعديل وتصويب، لعلي أتلافاه في طبعة ثانية. وبعد أن سرد الكاتب الكثير من زوايا المتغيرات الاجتماعية والثقافية بما تشمله من متغيرات أخرى تسارعت عنفوانها في تحولات مذهلة عبر هذين البعدين ليصبح الحديث عنها متجاوزا حديث جد لأحفاده إلى ما يصفه جيل اليوم بأساطير الأولين.. يختتم د. المليص حديثه عن الصفحة الأولى مما لا ينسى قائلا: كانت تلك هي الصفحة الأولى من شريط الذكريات التي رغبت في تدينها، حتى لا تنسى بمر الأيام وانقضاء السنين، وإن كان الوقت لم يسعفني لتدوين كل ما أردت في تلك الصفحة، فلعل ذلك يعد في الدرجة الأولى إلى استعجال بعض المحبين ، تكون هذه الذكريات بين يدي القراء الكرام، ولذلك لم تخضع لكثير من المراجعة أو التمحيص، وإن كان هذا عذري الذي أقدمه لما قد يعتريها من هنات هي من طبائع عمل البشر، إلا أنني على ثقة أن عين القارئ المحب ستلتمس الأعذار، ولن تبخل بتزويدي بما تراه واجبا في عالم المحبين الأوفياء.