لا تخلو بعض الشوارع من وجود "المتسوّلين" ومن مختلف الجنسيات، يتحركون في كل اتجاه للحصول على المال دون تعب أو جهد، مستغلين عاطفة أفراد المجتمع. وعلى الرغم من أن هذا الأمر ليس جديداً، إلاّ أن هناك من يحترف "مهنة التسول" ويقف وراءها، بل ويوفر السكن والتنقل للمتسولين، الأمر الذي يبرهن على أنها "مهنة منظمة"، تدعمها عصابات تستغل المخالفين لنظام الإقامة والعمل؛ للحصول على المال بأية طريقة. لا تتعاطف معهم وهم «يضحكون عليك وعلى غيرك» ويجمعون الأموال وانت تتفرج ويُعد شهر رمضان المبارك موسم العمل الجدي للمتسولين، بوضع الخطط للمجموعات، مع تحديد المواقع المستهدفة لنشر الأفراد بشكل يحفظ لكل مجموعة أو فرد خصوصيته، بل ويعطيه الفرصة لإبراز مواهبه وقدراته في موقعه دون مزاحمة من أحد. والملاحظ أن أعداد كبيرة من الجنسيات المختلفة، يقيمون في المدن الكبرى بصورة غير قانونية أو شرعية، بل وبدون إقامات نظامية، وهؤلاء يشكلون خطراً على المجتمع أمنياً واقتصادياً؛ لأن معظمهم احترفوا الجريمة ك"السرقات" و"النشل" و"ترويج المخدرات"، وهو ما يدعو إلى أن تكون الجهات المعنية أكثر استعداداً لمواجهة الخطر، من خلال نشر "دوريات الأمن" و"حملات التفتيش"، للتضييق على المتسولين، ثم القبض عليهم وترحيلهم إلى بلادهم في أقرب فرصة. "الرياض" تطرح الموضوع، وتلتقي المواطنين، فكان هذا التحقيق. استعداد مسبق في البداية أكد متسوّل -انشق عن مجموعته- على أنه لم يعد يتحمل سيطرة رئيس المجموعة على الأفراد، وأخذه نسبة كبيرة مما يحصلون عليه دون تعب، مضيفاً أن العمل استعداداً لرمضان يبدأ من شهري رجب وشعبان، من خلال الانتشار في الأماكن العامة والمساجد بشكل يختلف كثيراً عن بقية الشهور الأخرى، مشيراً إلى أنه تاب عن ممارسة التسول بعد أن سمع أحد أئمة المساجد يحذر منه، وينهى عنه، مما جعله يعود إلى كفيله بعد أن كان هارباً عنه، وطلب الصفح منه، أو السماح له بنقل كفالته على أحد المقاولين العاملين في البناء للحصول على لقمة عيشه بعرق جبينه، مبيناً أن المشغلين للمتسولين يحددون لكل واحد الموقع المناسب لقدراته، فمجموعة من المتسولين للأسواق، وآخرون عند أماكن التنزه، ومجموعات ممن توحي هيئتهم بالمرض يوضعون عند أبواب المستشفيات والمجمعات الطبية، وأخرى من النساء والأطفال مختصون بالتسول في الشوارع وعند إشارات المرور في الميادين العامة، ذاكراً أن المتسولين الموهوبين في التمثيل وسرعة البكاء وتغيير نبرات الصوت أثناء كلامهم، فهؤلاء يتم نشرهم في المساجد والجوامع؛ للتأثير على المصلين واستدرار عطفهم. اختبار قدرات ولا يقتصر اختبار القدرات على النظام التعليمي فقط والذي من خلاله يتم تحديد مستويات خريجي الثانوية العامة الراغبين الدخول إلى الجامعة، وإنما حتى المشرفين على تشغيل المتسولين يُعدون اختبارات قدرات خاصة للعاملين، وبموجب هذه القدرات يتم تحديد موقع كل متسول ومتسولة في كل مدينة وفي كل مكان عام. ويحرص المشغلون على فك أي ارتباط بين المجموعات التي يشغلونها، من خلال تخصيص مكان لكل متسول أو أكثر حسب حجم الموقع وعدد المستخدمين له، حتى لا تكون هناك منافسة أو تزاحم من قبل أفراد المجموعة، وفيما لو حاول شخص من المتسولين من مجموعة أخرى وأصر على بقائه، فهناك العديد من الطرق لتطفيشه منها؛ أن يتربص به مجموعة من "الفتوات"، ثم تأديبه ب"علقة ساخنة"، وهناك اتفاق مسبق بين المشغلين للمتسولين بتوزيع مناطق العمل لكل مجموعة في مختلف أنحاء المدن، حتى لا يدخل متسولو المجموعة (أ) على مناطق نفوذ المجموعة (ب) أو (ج) مثلاً. توزيع مُنظم وتوزيع كل مجموعة يأتي عن طريق سيارات تتبع لأحد للمشغلين، حيث يتم توزيع المتسولين في الصباح على المواقع بحرص وحذر، وبعد غروب الشمس تتم إعادتهم إلى أوكارهم، ثم تأتي مجموعة أخرى مخصصة للتسول الليلي، وقد أخبرنا عدد من العاملين في المحلات التجارية في بعض الأسواق، أن المتسول إذا امتلأت "جيوبه" بالنقود يظهر شخص فجأة من أبناء جنس المتسول، ويأخذ ما معه من نقود ويتركه في موقعه ليواصل عمله دون توقف. وقال عامل في محل تجاري: إن أحد المتسولين تم القبض عليه ذات يوم من قبل حملات محاربة التسول، وهو من جنسية عربية، ووجد معه أكثر من (1500) ريال، أوضح أنها "غلّة" الساعات القليلة التي عمل فيها، وهذا يعني أن ما يجمعه بعض المتسولين ربما يصل إلى أكثر من راتب موظف في الدرجة الخامسة عشرة الممتازة. قضايا جنائية وأوضح "د.طلعت عطار" -مستشار قانوني- أن أعداداً كبيرة من الجنسيات المختلفة خاصةً من الأفارقة وبعض الجنسيات الآسيوية، يقيمون في المدن الكبرى بصورة غير قانونية أو شرعية، بل وبدون إقامات نظامية، وهذا ما يظهر من خلال الحملات التي تؤديها الأجهزة الأمنية، حيث يتم في كل مرة ضبط المئات من هؤلاء في الكثير من الأحياء، ومن بينهم أشخاص مطلوبين في قضايا جنائية متعددة، مضيفاً أن هؤلاء المخالفين والأعداد الهائلة من الوافدين خاصةً الأفارقة والآسيويين يشكل وجودهم خطر على المجتمع أمنياً واقتصادياً؛ لأن معظمهم احترفوا الجريمة كالسرقات و"النشل" وترويج المخدرات، وآخرون التسول المنظم، مشيراً إلى أنهم عبأ على البلد، وطابور خامس يعيث في البلد فساداً، خاصةً وأن البعض أدرك أن الكثير من هؤلاء المتسولين لا يعانون من أي مشكلة صحية تمنعهم من العمل، ولكنهم امتهنوا التسول لأنه عمل غير متعب بالنسبة لهم، لهذا لم يعد المجتمع يتعاطف معهم، مما يجعلهم يمتهنون أعمالاً أخرى كالسرقات وغيرها إذا لم يجدوا المال. فراسة شديدة ولا يقتصر احتراف التسول من قبل الوافدين على المعوقين، أو الذين يعانون من العجز والكبر في السن، وإنما هناك الكثير من الأصحاء ومفتولي العضلات من الرجال والنساء الذين احترفوا هذه المهنة، وتصل نسبة الرجال إلى (40%) من المتسولين، والنساء خاصةً الأفريقيات إلى (50%)، بل وحتى الأطفال يتم الزج بهم مبكراً في عالم التسول، حيث يشكلون (10%) من أبناء الوافدين، والبعض من الرجال الأصحاء يحاول أن يتصنع الإعاقة أو إدعاء الشلل في يديه وقدميه، وكثيراً من هؤلاء المدعين ينطلق كالصاروخ أو كالبرق لو شاهد سيارة دورية أمنية متجهة إليه. وقال الأستاذ "أحمد الغامدي": إن الأطفال الذين يدخلون عالم التسول منذ نعومة أظفارهم أكثر إلحاحاً من كبار السن، فأحدهم يقف بجوار سيارتك عند الإشارة وهو يحمل في يده علبة "علك"، ثم يدق على زجاج نافذة سيارتك بإلحاح ليحصل منك على المال، وعلى الرغم إنك تحاول إقناعه بعدم إعطاءه شيئاً، إلاّ أنه لا يغادر، بل ويواصل الإلحاح، مبيناً أن أفضل وسيلة للتخلص من إزعاج المتسولين والمتسولات عند إشارات المرور هو أن تغلق نافذة سيارتك ولا تلتفت إليهم؛ لأنه سيتوجه إلى سيارة أخرى إذا رآك غير مهتم به، مشيراً إلى أنه لاحظ أن لدى متسولي الإشارات "فراسة" شديدة في معرفة نفسيات أصحاب السيارات ومزاجهم، لهذا تجدهم يختارون من يذهبون له بدقة. إزعاج المنازل وذكر الأستاذ "ماشع المطيري" أنه في رمضان الماضي وبعد عودته إلى المنزل من صلاة التراويح فوجيء بأحدهم يرن على جرس الباب بشكل متواصل، وعندما وصلت إليه فإذا هو من المتسولين، مبيناً أن هؤلاء لم يعودوا يكتفون بالتسول عند أبواب المساجد والأسواق، وإنما وصلت بهم الحرفية للذهاب إلى الناس في منازلهم!. وأوضح "حمدي الفارسي" أنه عندما تخرج من عملك أو من المسجد أو من السوق، وقبل أن تركب سيارتك تجد أحدهم في هيئة لا تدل على أنه متسول، يقف بجوار سيارتك، طالباً منك التوقف للتحدث معه، وتعتقد أنه سيسألك عن مكان أو شارع فتقف له وتتفاجأ أنه يحكي لك حكاية عن حاجته لمبلغ بسيط حتى يعود إلى بلده، وتصدقه وتعطيه الذي كتبه الله له، مضيفاً أنه لا يكاد يمضي يومان أو ثلاثة، حتى تصادف نفس الشخص في مكان آخر يحكي لك نفس الحكاية، وعندما ترد عليه أنه سبق أن قابلته، لا تكاد تكمل كلامك حتى تجده قد ابتعد عنك بشكل لا يسمح لك بالوصول إليه، فيما لو فكرت الإمساك به وتسليمه إلى الدوريات. متسوّل يستلم النقود من أحد الأشخاص نساء أمتهن التسوّل عند الأسواق مكان إقامة المتسوّلين ومخالفي الإقامة "عدسة- محسن سالم" معاق يتنقل بين السيارات عبر دراجته امرأة تحاول استعطاف الناس عبر ابنها المكسور