أجمع محللون نفطيون عالميون أن تهاوي أسعار النفط بصورة حادة سيفضي إلى مزيد من الركود للاقتصاد العالمي في ظل تفاقم أزمة منطقة اليورو وعدم خروج الاقتصاد الأمريكي من نفق الأزمة المالية التي ما برحت تعصف بأركانه منذ عدة سنوات، وتعثر الحلول المالية التي قدمها قادة الدول الصناعية الكبرى لإنعاش الاقتصاديات المنهكة في عدد من الدول المؤثرة في مكونات الاقتصاد العالمي. وأشاروا إلى أن تراجع أسعار النفط بنسبة 23% خلال الثلاثة أشهر الماضية والذي يعد أكبر هبوط منذ عام 2008م سيؤثر بصورة سلبية على استثمارات الدول المنتجة للنفط ويربك التبادلات التجارية وإنتاج السلع في مختلف دول العالم ما يكبح نمو الناتج المحلي ويعرقل تنفيذ المشاريع الصناعية الكبرى التي لها مردود على انتعاش الاقتصاد والتنمية المستدامة لشعوب العالم. واعتبر المحلل النفطي في نشرة "استراتيجيك انريجي" توم بيتري أن مشكلة الديون الأوروبية وهبوط أداء القطاع الصناعي في عدد من الدول الصناعية الكبرى أفضى إلى تراجع النفط إلى مستويات قد لا تساهم في نمو اقتصاديات الدول المنتجة، متوقعا أن يستمر النفط في مساره النازل وصولا إلى 60 دولاراً للبرميل قبل نهاية العام الحالي إذا ما استمر تباطؤ الطلب على النفط وخاصة في أمريكا والصين. ولم يستبعد بروز مفاجآت في أسعار النفط التي تحركها المؤثرات السياسية والقلاقل الأمنية سيما تلك التي تجري قرب مكامن النفط، مشيرا إلى أنه لا يمكن الجزم بتحديد مسارات النفط بصورة دقيقة لكونها تخضع لعوامل كثيرة من أهمها المؤثرات النفسية للمضاربين على ضوء ما يحدث من تقلبات سياسية وأمنية ومناخية. من جهته أكد اندرو كينقهام كبير محللي الطاقة في "قلوبل اكونمكس" أن تهاوي أسعار النفط لن يفضي إلى حل أزمة الاقتصاد العالمي بل سيضيف أزمة جديدة في اقتصاديات الدول المنتجة للنفط والتي تلعب دورا محوريا في تنفيذ المشاريع البترولية الصناعية الكبيرة والتي تستهلك المنتجات الصناعية من الدول الكبرى ما يصب في انعاش اقتصادياتها، ويرفع من أدائها الصناعي. والمح إلى أن أي انهيار في أسعار السلع الأساسية ومنها النفط سيؤثر على معنويات الشركات الصناعية ويذكي التشاؤم لدى المصانع الكبرى بشأن مستقبل طلبات توريد شتى أنواع السلع، ورفع مستويات الإنتاج وهو جانب مهم لرفد الميزانيات وتنامي المشاريع وتشكيل عوائد يمكن توظيفها لتوسيع الاستثمارات المستقبلية. من جهته قال ويليم جاكسون المحلل في "انيرجي ووتش" أن أسعار النفط تهبط بصورة حرة دون قيود في ظل استمرار اعتلال صحة الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن أسعار البترول من أسرع السلع الأساسية التي تتجاوب لأي أحداث عالمية أو تقلبات اقتصادية مدللا على هبوط سعر خام برنت القياسي بأكثر من 30 دولاراً للبرميل في غضون شهر واحد معتبرا ذلك مؤشراً سلبياً على انتعاش أداء الاقتصاد الكوني. إلى ذلك ظلت أسعار نفط خام ناميكس تحت مستوى 80 دولاراً للبرميل رغم ارتفاعها أمس الجمعة بحوالي 1.92 دولار للبرميل بعد اتفاق زعماء أوروبا على خطوات لمعالجة أزمة الديون في خطوة قد تدعم الاقتصاد العالمي وترفع من الطلب العالمي على النفط الخام.