قال علي بن يوسف: كنت عند أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي، فاستأذن عليه حاجبه لجعيفران الموسوس، فقال له: أي شيء أصنع بموسوس؟ قد قضينا حقوق العقلاء، وبقى علينا حقوق المجانين! فقلت له: جعلت فداء الأمير موسوس أفضل من كثير من العقلاء، وان له لساناً يتقى وقولاً مأثوراً يبقى. فالله الله ان تحجبه! فليس عليك منه أذى ولا ثقل! فأذن له. فلما مثل بين يديه قال: يا أكرم العالم موجوداً ويا أعز الناس مفقوداً لما سألت الناس عن واحد أصبح في الأمة محموداً قالوا جميعاً: انه قاسم أشبه آباء له صيداً لا زلت في نعمى وفي غبطة مكرماً في الناس معدوداً فأمر له بكسوة وبألف درهم، فلما جيء بالدراهم أخذ منها عشرة وقال: تأمر القهر مان ان يعطيني الباقي مفرقاً كما جئت لئلا نضيع منى فقال للقهرمان: أعطه المال، وكلما جاءك فأعطه ما شاء حتى يفرق الموت بيننا، فبكى عند ذلك جعيفران وتنفس الصعداء وقال: يموت هذا الذي أراه وكل شيء له نقاد لو غير ذى ... دام شيء لدام ذا المفضل الجواد ثم خرج فقال أبو دلف: أنت كنت أعلم به منى قال، وغبر عني مدة ثم لقيني وقال: يا أبا الحسن، ما فعل أميرنا وسيدنا؟ وكيف حاله؟ فقلت: بخير وعلى غاية الشوق إليك. فقال: أنا والله يا أخي أشوق. ولكني أعرف أهل العسكر وشرههم والحاحهم، والله ما أراهم يتركونه من المسألة ولا يتركه كرمه ان يخليهم من العطية حتى يخرج فقيراً. فقلت: دع هذا عنك وزره؛ فإن كثرة السؤال لا تضر بماله. فقال: وكيف؟ أهو أيسر من الخليفة؟ قلت: لا. قال: والله لو تبذل لهم الخليفة كما يتبذل أبو دلف وأطعمهم في ماله كما يطمعهم لأفقروه في يومين، ولكن اسمع ما قلته في وقتي هذا فقلت: هاته يا أبا الفضل! فانشأ يقول: أبا حسن بلغن قاسماً بأني لم أجفه عن قلا ولا عن ملال لاتيانه ولا عن صدود ولا عن عنا ولكن تعففت عن ماله وأصفيته مدحتى والثنا أبو دلف سيد ماجد سنى العطية رحب الفنا كريم إذا انتباه المعتفو ن عمهم يجزيل الحبا قال: فأ بلغتها أبا دلف، وحدثته الذي جرى. فقال لي: قد لقيته منذ أيام، فلما رأيته وقفت له وسلمت عليه وتحفيت به، فقال لي: سر أيها الأمير على بركة الله، ثم قال لي: يا معدي الجود على الأموال ويا كريم النفس في الفعال قد صنتني عن ذلة السؤال بجودك الموفى على الآمال صانك ذو العزة والجلال من غير الأيام والليالي قال: ولم يزل يختلف إلى أبي دلف ويبره حتى افترقا.