تهب عواصف الحزن على المملكة بين حين وآخر، لكن يأتي بعد كل عاصفة حزينة سحابة ممطرة حانية تمسح أثر غبار الحزن من على الوجوه الخائفة المترقبة. هذه البلاد بكل ما حباها الله من مقدسات ومن قادة يشهد لهم التاريخ وحتى ان صحراءها القاحلة تحتضن الكنوز الكثيرة في باطنها لتطمئن الناس إلى مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وأحفادهم بالأمس هبت عاصفة الحزن لوفاة قامة عرفها الناس عن قرب، شخصية اشتهرت بخدمة الوطن والسهر على أمنه، وفاة الأمير نايف عليه رحمة الله أحد خريجي مدرسة الملك عبدالعزيز، وحين هبت العاصفة وتناقل الناس خبرها المحزن دلفوا إلى بيوتهم وتوجهوا إلى الله يطلبون للميت المغفرة والقبول، وتحولت الإذاعات والمحطات التلفزيونية إلى منابر تتلو صفحات مشرقة من القرآن الكريم، وفي أقل من ساعة لبس مؤشر الأسهم ثوبه الأحمر علامة الحزن والخوف، ولكن في أقل من أربع وعشرين ساعة، هبت رياح الجنوب الحانية حاملة معها الطمأنينة والاستمرارية ومواصلة النماء، حملت الرياح سحابة غطت كل أرجاء المملكة. جاء قرار خادم الحرمين الشريفين ليعلن أنه لا يوجد فراغ في هذه البلاد ولا يوجد نقص في القادة المتميزين، أعلن الملك عبدالله صاحب القلب الكبير والشعبية الهائلة قراره باختيار الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً له في مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع، والأمير أحمد وزيراً للداخلية، أعلن ذلك ليعيد للناس طمأنينتهم ولتعود محطات الإذاعة والتلفزيون في بث برامجها المتنوعة، ويلبس مؤشر سوق الأسهم ثوبه الأخضر معلناً مواصلة مسيرة الإصلاح والنماء والرخاء، ولتثبت هذه الدولة الفتية أنها أكثر الدول العربية استقراراً وأمناً وغنى، وأن غياب قائد يعني تسليم الراية لقائد آخر يواصل المسيرة بكل جدارة ويسر. محظوظة هذه البلاد بكل ما حباها الله من مقدسات ومن قادة يشهد لهم التاريخ وحتى ان صحراءها القاحلة تحتضن الكنوز الكثيرة في باطنها لتطمئن الناس إلى مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وأحفادهم. أمام ولي العهد الأمير سلمان ملفات كثيرة متعددة وشائكة، بعضها ملفات داخلية كملف البطالة وتدني المرتبات وتعثر بعض المشاريع، وبعضها من خارج المملكة كالاضطرابات التي تعصف بالمنطقة والدول المجاورة، كما أن ملف إيران مع الغرب لا يزال ساخناً وقد تطال وهج ناره سواحل الخليج العربي وبعض دوله. هذه الملفات الشائكة ليست غريبة على صاحب السمو الملكي الأمير سلمان، فقد كان تلميذاً في مدرسة الملك عبدالعزيز، ومن كان في مثل انضباط الأمير سلمان واطلاعه وحبه الجم للقراءة والمتابعة واحترام الوقت سيطمئن إلى أن تلك الملفات ستجد لدى سموه كل عناية ودراسة متأنية ومتابعة جادة ولصيقة، وهنا أجد الفرصة لأسوق لسموه المقترحات الآتية: الاقتصاد القوي هو الأداة الفاعلة والدواء الشافي الذي تعالج بها الدولة مشاكل الداخل والخارج، وهو السلاح الفعال ضد الفقر والبطالة ونقص المساكن، وهو أمضى سلاح لجعل صوت المملكة يسمع من مسافات بعيدة خارجها، وبفضل الاقتصاد القوي يتحدث وزراء المملكة ومندوبوها بكل ثقة وينصت لهم الآخرون ويتابعهم الصحفيون لمكانة المملكة وقوة اقتصادها، وليستمر نمو الاقتصاد وازدهاره فهو بحاجة إلى أمور كثيرة لكن أهمها حسن اختيار القادة والمديرين والقائمين على ثروات المملكة ومقدراتها، والمحاسبة والمتابعة والرقي بمكانة المملكة من حيث مكافحة الفساد لتصبح من أفضل الدول في سلم ترتيب حماية النزاهة ومكافحة الفساد، والاستمرار في إصلاح أهم دعائم الاقتصاد وهما القضاء والتعليم. البطالة شوكة في خاصرة التقدم والأمن والرخاء، والمواطن والمسؤول من أهم أسباب تفشيها بين الشباب من الجنسين، نحن كمواطنين نتستر على الوافد ونعطيه الغطاء النظامي والمجال الفسيح ليختطف خيرات القطاع الخاص وفرصه الغنية والكثيرة من أبنائنا، ونتركهم يتعاركون على وظائف القطاع العام المحدودة مهما تكاثرت، وأعتقد أن هذا الملف سيكون له الأولوية في برنامج صاحب السمو الملكي الأمير سلمان كما كانت له الأولوية لدى صاحب السمو الملكي الأمير نايف عليه رحمة الله لعلمه بخطر البطالة على الفرد والأسرة والأمن والاستقرار، ولن تستطيع وزارة بذاتها مهما حاولت أن تحل هذا الملف الشائك لتشعبه ولتوزع مهامه بين أكثر من وزارة منها التجارة والصناعة والمالية والداخلية والتعليم بكل مراحله، وحتى الشركات الكبيرة التي تساهم فيها الدولة مسؤولة عن المساهمة في حل البطالة كشركة أرامكو والاتصالات بالتوظيف المباشر للمواطنين بدلاً من إسناد بعض أعمالها لمقاولين أكثر عمالتهم من الوافدين. سيكون الازدهار الاقتصادي وحل مشكلة البطالة بطرق علمية مدروسة من أهم إنجازات الأمير سلمان القادمة إن شاء الله لتضاف إلى إنجازاته السابقة الكثيرة والوفيرة. كم أنت جميلة يا بلادي وكم أنت غنية بالقادة، فلا يموت قائد إلا ويبرز قائد آخر تعلم الكثير ممن قبله، هنيئاً للأمير سلمان بالثقة الملكية بتعيينه ولياً للعهد، وللأمير أحمد وزيراً للداخلية وهنيئاً لنا بهما. شكراً لخادم الحرمين الشريفين على حسن الاختيار وسرعة التعيين