الرجل التاريخي الذي برز في مرحلة أمن تاريخية.. نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - لم يكن وزير داخلية فقط فقدناه، وإنما هو رجل دولة متعدّد الكفاءات أثبت حضوراً بارع القدرات في مواجهة مخاطر عديدة وقاسية موجّهة بإجرام جنوني ضد أمن بلادنا.. لا تقف عند حدود جزالة حضور الأمن ولكنك تجد أمامك إبداعات نظم وإجراءات لم تجعل من الأمن مجرد سلطة ردع أو كفاءة إيقاف جرائم، ولكن الواقع أنك عبر أفكاره وتعدّد خطط عمله أنت أمام رجل دولة جعل رجل الأمن مسؤول متابعة، وجعل من المواطن مسؤول رفض وحصانة ضد ما أرادوه أن يكون، ولم يفلح المجرمون في ذلك.. نعرف دائماً أن مسؤول الأمن الأول هو في اتجاه مطاردة الجريمة لردعها.. لكن نايف بن عبدالعزيز رجل الدولة المتميّز بفكر متعدّد الكفاءات اتجه إلى إبعاد المواطن عن وسائل التغرير.. إن نظام المناصحة لم يوجد في أي دولة.. بل السائد أن الدول تعاقب كل مَنْ يخطئ.. إعدام أو مستويات سجن حسب نوعية الخلل.. رجل الدولة المتميز في فكره نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - اتجه إلى فئات الشباب الذين أرادت القاعدة أن تحتويهم كمجاهدي ضلال، لكن المناصحة استطاعت أن توفّر كفاءة الوعي لمَنْ غُرّر بهم بمبدأ ألا يكون تغرير المفاهيم وحده وسيلة عقاب.. يحدث ذلك إذا لم تكن هنا استجابة وعْي للمناصحة فتكرّرت المخالفات.. لقد لاحظت في تعدّد المقابلات التلفزيونية التي أعطتني أسئلة مختلفة تتعلق بحياته ومهماته، ولاحظت أن ما هو أجنبي أو عربي في البث التلفزيوني مدرك تماماً لإيجابيات المستوى الأمني الذي أشاعه - رحمه الله - في مجتمعه، وأنه بذلك شخصية دولية اكتسبت جماعية الاحترام والتقدير.. إن نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - المعروف بنزاهته العالية كانت له مشاركات إنسانية عديدة، لكنه لم يكن يفضل الإعلان عنها.. كان يقدم مساعيه الخيرية لمن هو بحاجة إليها دون أن يعلم أحد بذلك، وما كان يقدمه من دعم إنساني لم تكن لوزارة الداخلية علاقة بذلك، فهو عمل خير يقدمه بصفة شخصية.. هناك قصة الطفل خالد الحويطي التي لم تعرف إلا عبر قناة الإخبارية يوم الخميس الماضي عن طبيعة وضعه الصحي الصعب، ثم نشرت بعد ذلك تتابع الحدث الإنساني بعض الصحف، حيث - رحمه الله - قبل وفاته بثلاثة أيام فقط ومن أوروبا أمر أن يعالج الطفل على حسابه الخاص.. وعصر أمس عبر قناة "العربية" تحدث والده مشيداً بمبادرة فقيدنا الراحل.. إن التقاء قدرات تميّز شخصية إنسان هو رجل دولة، وفي نفس الوقت هو رجل إنسانية إنما تقدم لنا نايف بن عبدالعزيز وهو مرحلة تميز في إيجابيات أداء المسؤوليات وإيجابيات براعة مشاعره الإنسانية.. رحمه الله.. رجل يحظى بعالمية الاحترام مثلما عرضت ذلك كثير من وسائل الإعلام، وبجزالة المحافظة الواعية على أمن مجتمعه مثلما عايشنا ذلك في سنوات طويلة معه..