رحل كثير من العوائل من اليمن إلى نجد قديماً ثم استقرّت تلك العوائل في الحريق وبعض قرى نجد، وقد نقلت معها بعض الشعر الحميني وأسمعته الهزاني، فأخذ من بعض شعراء تلك العوائل ما سمعه من النظم على قافيتين والمربوع ونظم عليه! بدأ التغيّر الشكلي فيما خلف الجبال الجنوبية في تهامة تحديداً، إذ إن أول من نظم على ثنائية القافية هو شهاب الدين أحمد بن فليته الحكمي المتوفى رحمه الله سنة 731ه وكان الشكل الذي نظمه يعد بداية الانتقال إلى النظم على قافيتين ومن شعره: أصبحت في أسر الذي ملكني خاضع ذليل لا هو رضي بالبيع ولا عتقني كيف السبيل ومن عشق يصبر على التجني صبراً جميل عواقب الصبر الجميل تحمد فيها المنى لا عاشق إلا ما يكون مقهود ظامي البدن ولاملك إلا علي ابن داود ملك اليمن ذاك الذي عمّ الأنام بالجود وإلا فمن من هو كمثل الملك المؤيد قول أنا ثم أتى بعده بقرن تقريباً المجدد عبدالله بن أبي بكر المزاح المتوفى عام 830ه رحمه الله فنظم أبياته على قافيتين أسوة بابن فليته ومن شعره: حرّك الغصن خفّاق النسيم وافؤادي الشجي ماحرّكه يانسيم مالهوى إلا عظيم ماسكن في فؤاد إلا أهلكه منهج الحب نهجي من قديم والحبيب كيف شاقول اتركه إنني ملك للظبي الوسيم وهو لو شاء دمي يسفكه ورغم أن أشعار ابن فليته والمزاح جاءت على أشكال قطع في مبيتات وموشحات إلا أنها تعد البداية الحقيقية لثنائية القافية. أما بالنسبة إلى المربوع وهو: ما أتى على ثلاث قواف موحّدة وتنتهي بقافية مغايرة متكررة في نهاية كل مقطع ويقوم وزنه على كثير منها، ودائماً ما يشبه مطلعه فن الشواني في الشعر اليمني الحميني، والدوبيت في الشعر العربي الفصيح، وقد أدخل الهزاني فيه الجناس المتكلف. فالمربوع هذا ما هو إلا شكل من أشكال المبيتات الحمينية الذي كان قد بدأ في المائة الخامسة وتنقسم هذه المبيتات إلى مايلي: * المبيت الأحادي : وهو ذي القافيتين المعروف . * المبيت الثنائي: وهو ما يسميه النبطيون (المربوع) أو (المروبع). * المبيت الرباعي. وهناك مبيتات خماسية وسداسية تتداخل أحياناً في الموشحات، لهذا لم يتصرف بشكل سليم كل من حاول شرح المربوع (المروبع) من النقاد والباحثين للشعر النبطي حيث صنفوه من ضمن الأوزان فدائماً ما نجدهم يردون حين ذكرهم الأوزان كالعرضة والسامري والمسحوب والهجيني يصنّفون المربوع معها، بالرغم من أن المروبع يأتي على الأوزان التي يصنف معها فمرّةً يأتي على المسحوب (مستفعلن مستفعلن فاعلاتن) في كل شطر ومرةً يأتي على الهجيني الطويل (مستفعلن فاعلاتن فاعلن فعلن) أو الهجيني العادي (مستفعلن فعلن مفاعيلن) وهكذا دواليك، لذلك لم يدركوا بأنه شكل وليس وزناً! إن أول من نظم المبيت الثنائي (المربوع) هو عفيف الدين أبو بكر الحكاك في القرن السادس الهجري، وهو قبل زمن ابن فليته صاحب القافيتين بقرنين تقريباً، ومن شعره: ألف في ألف طاعة ياجمال يا وسيع المدارك والمجال كل ماتطلبه من غير مطال أحضره لك على حسب السؤال آنا إلا ابو القلب السليم آنا إلا الخديم كل الخديم آنا من يمتطي لطف النسيم والحلا شاهدٍ لك والمقال آنا من قد دعي السر الكنين آنا في نشأتي الروح الأمين آنا في نشوتي الرق المكين من أقول له تعال قال لي تعال! ومن شعره على وزن حميني مستحدث : أرسلت إلى عندك نسيم الاطلال فما رجع إلا بوصل مطّال وكلّما قلتَ جفاك قد طال ما هو كذا قلتَ كذا وازيد ومن شعر الحكّاك الشهير الذي غنّاه المنشدون التهاميون : ماهو السبب واعذبة ام معاني حتى هجرتي شعبنا ام يماني واورثّتني ذلي على هواني حرام كذا ماتعمل الشواني علي أطلتي الهجر والتجافي واسعدتي قاضي البين على تلافي ترفّقي بي فالغرام كافي وازاهية الله لل عاني ماحيلتي مافي الغرام حيلة ملّت وصالي ظبية ام خميله واهل ام صبابة قصتي طويلة أشا ام غزالة وهي ما تشاني! لا بيّن لقلبي واكحيلة ام عين ماتشتكي كثر ام صدود والبين والله لو كان لي يصح قلبين لا قول لصدّك هات صد ثاني مااحلى ام تجنّي فيك وام عدامه ومااحسنك بام تيه وام زخامه واخت ام حمامه وابنت ام حمامه ذا كرم داني واثيث حاني لاشك بأن هناك عوائل استقرّت في نجد والشمال النجدي وشمال جزيرة العرب تنتمي للقبائل الجنوبية.