وصف رجل الأعمال الشيخ سليمان بن عبدالعزيز الراجحي ذات مرة الموظفين السعوديين في البنوك بالمنتجين والمتميزين في أداء أعمالهم الوظيفية والإنتاجية شأنهم شأن جميع الجنسيات الأخرى. وإذا كان هناك بعض الموظفين غير منتجين فهو خطأ مشترك من ثلاث جهات، أولها من المنزل فيكون توجيه الوالدين ضعيفا تجاه العمل وثقافته، وكذلك في مقر العمل خصوصا إذا عمل في شركة لا يجد الموظف توجيهاً من المسؤولين عن عمله وتربيته وبنائه عمليا، والأخير أن يكون التقصير والخلل في الموظف نفسه. وشدد على أن سوق العمل السعودي اشتغل به موظفون وعاملون من مختلف أنحاء العالم، فلماذا لاتعطى الفرصة للشباب السعودي؟ أعتقد أن البنوك السعودية قامت بذلك ونجحت في إعطاء الفرصة للشباب السعودي الذي وصل رقمه إلى ما يقارب(42000 ) موظف. لقد مرّ الكثير منا بتجارب مع الشباب السعودي في البنوك. وقد تكون بعض تجاربنا سلبية والأخرى ايجابية , ولكن لو حاولنا وضع نسبة للسلبي والايجابي لطغى الايجابي بسبب انضباطية الشباب وحرصهم. ومن تجارب شخصية مع البنوك السعودية والاختلاط بمختلف العملاء تكتشف أن هناك رحلات أو تنقلات للعملاء مع شباب بعينهم . فعندما تتم ترقية موظف ليصبح مسؤولا أو مديرا لفرع آخر تجد ان محبيه من العملاء ينتقلون معه. قد يأتي من يقول انك تبالغ في هذا الوصف! نعم لا يعدو ما أقول هنا عن وصف انطباعي مبني على تجربة أو تجارب.ولكن أتمنى ان تقوم جهة علمية معنية ببيئة العمل الداخلي وعلاقات العملاء من التأكيد أو نفي تلك الحقيقة. بالنسبة لي هي ظاهرة إنسانية جديرة بالتأمل ,بل وبالدراسة من الجهات المعنية بتوظيف الشباب السعودي،فالشاب في البنك لم يكتسب خبرة فقط وإنما اكتسب ثقة العميل وهي أهم عنصر لنجاح البنوك في استقطاب الودائع و رؤوس الأموال والعملاء. فما هي الدروس المستفادة من هذه التجربة؟و هل الظروف السابقة في العقدين الماضيين لازالت تغري الكثير من الشباب للبقاء في البنوك؟وهل قامت البنوك بتغييرٍ في سياستها الوظيفية والترقيات وطبيعة الحوافز المقدمة لشبابها؟وهل هناك من مغريات في البيئة الخارجية تجعل شباب البنوك يفكر في هجرة العمل المصرفي؟ يعرف الكثير منا كيف تقدم بعض شباب البنوك بالاستقالة للالتحاق ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي والذي يعطي الكثير منهم لتحقيق حلم لم ير أي بريق له في عمله السابق.وكيف بدأت شركات القطاع الخاص بالسطو على موظفي البنوك المميزين واستقطابهم من خلال الاحتكاك المباشر والثقة المتبادلة . لست هنا لأعدد مزايا البنوك ولكن لأعدد مزايا الشباب السعودي الذي كسر حاجز الصورة النمطية السلبية عنه في بيئة العمل. أعتقد لو أن ما قدمته البنوك السعودية للمجتمع هو استقطاب وتهيئة الشباب السعودي والثقة في أدائه في جميع الفروع لكفتهم تلك الميزة.ولكن المرحلة الحالية تستوجب الاهتمام والمحافظة على الموارد البشرية للبنوك السعودية.فدول الجوار في الخليج يعرفون تلك الحقيقة التي تكتشفها بالعين المجردة ما أن تدخل البنوك هناك.فهي خليط وافد طارد للمواطن .ولو عدنا لموضوع رحلات العملاء مع شباب البنوك في تنقلاتهم بين الفروع لوجدنا أنها مثل "سحابة هارون" فلتمطر حيث تشاء, ولكن مغريات السوق بدأت تجذب بعض الشباب للخارج ومعها قد ينتقل العميل إلى البنك الذي يحافظ على شبابه. يقول ميخائيل نعيمه "الشباب ثروة وثورة" فلعل البنوك تستثمر تلك الثروة الوطنية في إحداث ثورة في الصناعة البنكية التي بدأت مفاصلها في التزعزع وخدماتها في الترهل , وقبل أن تتآكل علينا فروع البنوك الأجنبية بإغراء لا يقاوم.