في ظل ارتفاع الطلب على البترول و انتعاش الأسواق الآسيوية وخاصة في الصين و الهند واليابان وفي إطار استراتيجية المملكة بعيدة المدى الهادفة إلى زيادة الاستثمارات البترولية وتنويع الإيرادات للاقتصاد الوطني والتركيز على الأسواق المنتعشة فقد ركزت المملكة في الأشهر القليلة الماضية على الأسواق الآسيوية سعيا إلى الدخول في مشروعات مشتركة للاستفادة من فرص النمو والتطور التقني والرغبة في تنمية الاستثمارات النفطية التي تشهدها هذه الدول والتي تنعتق من القيود المفروضة من بعض الدول الغربية . وتسعى ارامكو السعودية إلى فتح أسواق جديدة لصادراتها من المواد الهيدروكربونية، الأمر الذي سيؤدي إلى دعم ومساندة خطط التنمية الوطنية في زيادة وتنويع إيرادات الاقتصاد الوطني وتعدد استثماراتها عبر قارات العالم . ومن اجل تحقيق هذه الغاية فقد اوفد أرامكو السعودية مؤخراً، النائب الأعلى للرئيس للتكرير والتسويق والأعمال الدولية، الأستاذ عبد العزيز فهد الخيال لزيارة عدد من الشركات التابعة لأرامكو السعودية ومشاريعها المشتركة في عدد من المناطق الآسيوية. حيث التقى في الصين مع نائب مدير البرلمان الشعبي لمقاطعة فوجيان ووانق جيمنق نائب رئيس شركة سينابوك إحدى الشركات الصينية الرائدة في مجال البترول والبتروكيميائيات. والتقى أيضا في طوكيو كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة رويال دتش/شل، وشوا شل، ونيبون أويل، وجابان إنرجي، وسوميتومو كيميكال. وجاء انطباع الخيال بان الأسواق الآسيوية كانت وستظل من بين الأسواق الأعلى ربحية في العالم، مؤكدا حرص الشركة على أن تكون موجودة في مناطق الأسواق الرئيسية الثلاث في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية لما لهذه الأسواق من أهمية استراتيجية، مع زيادة نسبة صادراتها إلى الأسواق الآسيوية، حيث تأتي قارة آسيا كأحد أهم العناصر في الخطط الاستراتيجية لأرامكو السعودية الرامية إلى تحقيق أقصى قدر من الإيرادات في المستقبل. وأفضى انتعاش الطلب على النفط في هذه القارة التي تعج بالحركة الاقتصادية إلى قيام أرامكو السعودية بإقامة مجموعة من المشاريع المشتركة في آسيا للحصول على منافذ بيع حيوية لإنتاجها من الزيت الخام لضمان تسويق كميات منه على المدى البعيد حيث إن بناء مصافٍ على سبيل المثال سيسهم في تسويق الخام الثقيل والذي يقل الطلب عليه في ظل التنافس المحموم مع اصناف النفط الخام الخفيفة الأخرى التي تجد إقبالا كبيرا من قبل المصافي التي تفضل هذه الأنواع لسهولة تكريرها وارتفاع هامشها الربحي . ومما زاد من اهتمام ارامكو السعودية ذراع المملكة لإدارة وتسويق النفط والغاز بهذه الأسواق تصاعد الطلب على النفط في الأسواق الآسيوية حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يزيد الطلب على الزيت الخام في الصين من 5 ملايين برميل في اليوم حاليا إلى 12 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2030م، فيما يزيد الطلب في دول شرق آسيا خلال ربع القرن القادم لأكثر من الضعف ليصل إلى 9,4 ملايين برميل في اليوم ومعظم هذه الطاقة مستوردة وسط شح شديد في مصادر الثروة النفطية في هذا الجزء من العالم و ارتفاع في الاستهلاك مع زيادة معدل المنتجات الصناعية التي تنافس من خلالها مع الدول المتقدمة الأخرى. و ارامكو بلا شك لها يد في هذه المنطقة الحيوية من العالم فهي تمتلك حصة قدرها 35٪ في شركة إس - أويل وهي شركة تكرير زيت تنوعت أعمالها وتشعبت لتشمل زيوت التشحيم والمنتجات البتروكيماوية العطرية. كما انها تتولى تشغيل مجمع مصافٍ تصل طاقته التقطيرية إلى أكثر من نصف مليون برميل في اليوم في أونسان على الساحل الجنوبي الشرقي لكوريا. وتقوم الشركة أيضاً بتشغيل شبكة توزيع وتسويق على نطاق كوريا تشمل 7 مرافق رئيسية للمنتجات وتورد لأكثر من ألف محطة خدمة للبيع بالتجزئة تحمل العلامة التجارية. وتقوم شركة إس - أويل بتسويق المنتجات البترولية في كوريا وكذلك تصديرها إلى الأسواق الإقليمية الأخرى. وهي تسعى إلى أن تصبح من أكبر شركات البترول تنافسية وربحية في منطقة آسيا الباسفيكية. ومن أجل تحقيق هذا التصور، تبذل الشركة كل جهودها بغرض تحديث نفسها والتسلح بأفضل التقنيات والمرافق ولعب دور ريادي في مجال صناعة الزيوت القاعدية للشحوم واحتلال مركز تنافسي في المنطقة في إنتاج المواد البتروكيميائية بالإضافة إلى تبني نظام دولي للإدارة. وتمتلك أرامكو السعودية أيضا حصة قدرها 40٪ في شركة بترون الفلبينية (بي ن أو سي). بينما تمتلك شركة الزيت الوطنية الفلبينية حصة قدرها 40٪ من حصص بترون و يمتلك الجمهور الحصة المتبقية.وتصل طاقة المصفاة التكريرية إلى 180 ألف برميل في اليوم وتقوم بتسويق المنتجات من خلال أكثر من 180 ألف برميل في اليوم وتقوم بتسويق المنتجات من خلال أكثر من 1000 منفذ للبيع بالتجزئة. وفي خطوة نحو التوجه إلى السوق الهندية فقد وقعت شركة أرامكو السعودية في فبراير الماضي مذكرة مع شركة «إنديان أويل كوربوريشن» الهندية تحدد تعاونهما المستقبلي في مجال التعاون على البحث والتنمية في القطاع النفطي وعلى الاستثمار التجاري للتقنيات المرتبطة بالمحروقات واعتبر المراقبون هذه المذكر بأنها تشكل مرحلة مهمة في التنمية المنتظمة للتعاون في مجال الطاقة بين السعودية والهند التي تستورد من المملكة حوالي 430 ألف برميل يوميا من النفط الخام.