أيامنا والليالي كم نعاتبها شبنا وشابت وعفنا بعض الاحوالي تاعد مواعيد والجاهل مكذبها واللي عرف حدها من همها سالي ان أقبلت يوم ماتصفي مشاربها تقفي وتقبل وما دامت على حالي في كل يوم تورينا عجايبها واليوم الأول تراه أحسن من التالي أيام في غلبها وأيام نغلبها وايام فيها سوى والدهر ميالي جربت الايام ومثلي من يجربها تجريب عاقل وذاق المر والحالي نضحك مع الناس والدنيا نلاعبها نمشي مع الفي طوعٍ حيث ما مالي كم من علومٍ وكم آداب نكسبها والشعر مازون مثقالٍ بمثقالي اعرف حروف الهجا بالرمز واكتبها عاقل ومجنون حاوي كل الاشكالي لاشك حظي ردي والروح متعبها ما فادني حسن تأديبي مع أمثالي ان جيت ابي حاجةٍ عزت مطالبها العفو ما واحدٍ في الناس ياوالي قوم ٍليا جيتها رفت شواربها بالضحك وقلوبها فيها الردى كالي وقوم ليا جيتها صكت حواجبها وابدت لي البغض في مقفاي واقبالي ما كني الا مسوي حال مغضبها والكل في عشرته ماكر ودجالي يا حيف تخفى أمورٍ كنت حاسبها والاهل واصحابنا والدون والعالي والروح وش عذرها في ترك واجبها راح الحسب والنسب في جمع الاموالي نفسي تبى العز والحاجات تغصبها ترمي بها بين اجاويدٍ وانذالي المال يحيي رجال لاطباخ ابها كالسيل يحيي الهشيم الدمدم البالي عفت المنازل وروحي يوم اجنبها منها غنيمة وعنها البعد اولالي لاخير في ديرةٍ يشقى العزيز ابها يمشي مع الناس في همٍ و اذلالي دارٍ بها الخوف دايم ما يغايبها والجوع فيها معه من بعض الاحوالي جوعا سراحينها شبعا ثعالبها الكلب والهر يقدم كل ريبالي عز الفتى راس ماله من مكاسبها يا مرتضي الهون لا عزٍ ولا مالي دللت بالروح لين أرخصت واجبها وانا عتيبي عريب الجد والخالي قومٍ تدوس الافاعي مع عقاربها لها عزايم تهد الشامخ العالي كب المنازل غراب البين يندبها يبكي عليها بدمع العين هطالي لا تعمر الدار والقاله اتخربها بيع الردي بالخساره واشتر الغالي ما ضاقت الأرض وانسدت مذاهبها فيها السعة والمراجل والتهفلالي دار ٍ بدارٍ وجيرانٍ نقاربها وارضٍ بارضٍ واطلالٍ باطلالي والناس اجانيب لين انك تصاحبها تكون منهم كما قالوا بالامثالي الارض لله نمشي في مناكبها والله قدر لنا ارزاقٍ وآجالي حث المطايا وشرقها وغربها واقطع بها كل فجٍ دارسٍ خالي اطعن نحور الفيافي مع ترايبها وابعد عن الهم تمسي خالي البالي من فوق عمليةٍ تقطع براكبها فدافد البيد درهامٍ وزرفالي تبعدك عن دار قوم ودار تقربها واختر لنفسك عن المنزال منزالي لو مت في ديرةٍ قفرا جوانبها فيها لوطي السباع الغبس مدهالي اخير من ديرةٍ يجفاك صاحبها كم ذا الجفا والتجالي والتملمالي دوس المخاطر ولا تخشى عواقبها الموت واحد ولا عنه الحذر جالي إن المنيه إذا مست مخالبها تدرك لو كنت في جو السما العالي مافرت الاسد في عالي مراقبها تسعى للارزاق ماحنت للاشبالي والشمس في برجها والغيم يحجبها تقفي وتقبل لها في العرش مجدالي رب السماوات يامحصي كواكبها يا مجري السفن في لجات الاهوالي ضاقت بنا الأرض واشتبت شبايبها والغيث محبوس يا معبود ياوالي يالله من مزنة هبت هبايبها رعادها بات له في البحر زلزالي ريح العوالي من المنشا تجاذبها جذب الدلي من جبا مطوية الجالي ديمومة سبلت وارخت ذوايبها وانهل منها غزير الوبل همالي تسقي ديارٍ شديد الوقت حاربها ما عاد فيها لبعض الناس منزالي يا جاهل اسمع تماثيل مرتبها فيها معاني جميع القيل والقالي مثل الدنانير تزها في قوالبها في صرفها زايده عن قرش وريالي يارب توبه وروحي لاتعذبها بيوم القيامة اذا ماضاقت اعمالي وازكي صلاةٍ على المختار واهبها شفيعنا يوم حشرٍ فيه الاهوالي الشاعر: هو بديوي بن جبران الوقداني العتيبي ولد عام 1244ه في وادي نخب بالطائف وتوفي في مكةالمكرمة عام 1296ه. دراسة النص: تعد هذه القصيدة من أفضل ما قيل في الشعر وقد نالت شهرة واسعة وتداولتها الرواة وقد حاول الفريق يحيى المعلمي (رحمه الله)أن يفصحها بتغيير بعض المفردات وضبطها نحوياً فلم تخلف كثيراً، وبالنظر في النص نجد أن الشاعر تحدث عن الدنيا وان الانسان دائما ما يلقي باللائمة عليها ويأمل منها بالأفضل ولكن مع مضي الوقت وكبر سن الشاعر تبينت له بعض الأمور المخيبة للآمال رغم أنه مقتنع بأن هذه حقيقتها التي لا يصدقها جاهل،ويدركها العاقل المطمئن، فصفاء العيش لا يدوم والدنيا لا تبقى على حال ويوم الإنسان الذي هو فيه أفضل من الذي يليه وأن هذه الدنيا يوم لك ويوم عليك وهذا خلاصة تجربة رجل عاقل عايش تقلبات الحياة بحلوها ومرها وأضطر أن يساير الظروف واكتسب العلم والأدب ونظم الشعر وله معرفة مكنته من تشكيل نفسه وفقاً لطباع من يعايشهم ليزداد بهم فهماً، ولكنه لم ينتفع بكل ذلك نظراً لسوء حظه فعندما يحتاج الى شيئاً منهم يصبح نواله عزيزاً ولا يجد أحداً منهم يرأف لحاله، فبعضهم يضحك ويبتسم له ولكن قلبه فيه من الحقد والشر الكثير فيما البعض الآخر يقطب حاجبيه إظهاراً للكره والبغضاء في حضوره وغيابه وكأن الشاعر قد عمل ما يغضبهم في طلب حاجته! ليؤكد أن جميعهم غير صادقين في عشرتهم التي تقوم على الكذب والاحتيال ويستهجن هذا التصرف الذي لم يكن يتوقعه سواء من الأهل والأصحاب أو أراذل القوم وعليتهم، ويتساءل الشاعر مستنكراً أن ليس هناك مبرر للتخلي عن المروءة والشهامة والشيم ليصبح المال وحده هو مقياس الرجال، ثم يبين الشاعر انه في صراع مع نفسه الأبية التي تسمو إلى العزة والأنفة ولكن الحاجة تجبرها وتلقي بها إلى كرام الناس وأراذلهم على حد سواء، وأن المال هو من جعل للخامدين من أسافل الناس شأناً وذكراً وأنبتهم كما ينبت السيل العشب اليابس الهامد الذي لا حياة فيه، ثم أنه سئم الديار وقرر الارتحال عنها بعيداً بما يعد مكسباً لنفسه، أن يغادر دياراً يعاني فيها العزيز الشقاء والهم والذل ويعمها الخوف وانعدام الأمن وينتشر فيها الجوع والفقر، ولكن هذا الجوع مقتصر فقط على (سراحينها) أي الشرفاء فيما (ثعالبها) الأراذل متخمين بالنعمة ويكون (الكلب والهر) الجبناء مقدمين فيها على (ريبال) الأسد، ليؤكد أن المكسب الحقيقي في أن يبقى الإنسان عزيزاً شريفاً ،فكيف يرضى الهوان من لا يجد فيها عزاً ولا مالاً، ليتحسر أنه أتى على نفسه كثيراً وهو كريم الحسب والنسب وهذا ليس من شيم قبيلته التي لا تهاب الخطر وتمتاز بقوة العزم التي لا يقف أمامها مستحيل، ثم هو يستنهض نفسه بان يغادر الديار ويدعو عليها بالخراب وان تبكي ناعية أطلالها الغربان، ولو انه بقى فيها لفقد سمعته الطيبة وأن عليه أن يطلب الحياة الشريفة العزيزة وان غلي ثمنها عن حياة الهوان وأن خسر في سبيل ذلك. وأن الأرض لن تضيق به ولن يعدم وسيلة العيش الكريمة وسيجد دياراً بدلا من دياره وجيراناً بدلا من جيرانه وأرضا بدلاً من أرضه وأن الإنسان يعد غريباً حتى يعاشر الآخرين ويخالطهم ليصبح واحداً منهم ، فأرض الله واسعة وعلى الإنسان إن يسعى فيها فالله قدر الأرزاق والآجال وعلى الإنسان أن يبذل الجهد ويذهب شرقاً وغرباً ويقطع المسافات الطويلة ويتجاوز القفار الموحشة وينغمس في الصحراء مبتعداً عن كل ما يجلب الهم لينعم بالصفاء وراحة البال ممتطياً راحلته المدربة على قطع الفيافي بين الجري الخفيف والسريع لتبتعد به عن بلد وتقربه من آخر وأن عليه أن يختار لنفسه منزلاً لا هوان فيه، ليؤكد أن الموت في صحراء خاليه إلا من الوحوش أفضل من البقاء في بلد يحصل منها الجفاء وأن عليه أن يطأ المخاطر ولا ينظر لعواقب ذلك فلكل نفس أجل محتوم ويمثل لذلك بذهاب الأسود للصيد دون أن تبقى لجوار أشبالها، ثم يدعو الله بالسقيا للأرض المجدبة ويصف السحاب الممطر ثم ينصح بالأخذ بما جاء في قصيدته من حكمه. مخطوط قصيدة بديوي