قضيت أياماً من الأسبوع الماضي في إقليمالقصيم وتنقلت بين مدنه ومحافظاته. كنتُ حريصا على التجوال بين المزارع والبساتين المنتشرة في كل شبر تقريبا. كل المحاصيل الزراعية بلا استثناء تُزرع هُناك. أشهرها التمور بكافة أنواعها وأشجار البرتقال والحمضيات والرّمان ثم البطيخ والخضار والورقيات والبطاطس، يمكنني القول معظم الأغذية النباتية الرئيسية. مياه وفيرة وامتدادات هائلة للمساحات الخضراء. أرض معطاء تُنبت كل ما لذّ وطاب. من جانب آخر فأسواق الخضار تغص بتلك المُنتجات والناس تشتري. طيب ما المشكلة؟ الحكاية مزعجة جداً أيها السيدات والسادة. إن الذي يتحكم في هذا القطاع الحيوي بالكامل هم من غير أبناء البلد. من الوافدين الغرباء. تعالوا بنا نتعرف عن الذي تقدمه لهم بلادنا؟ أرض زراعية بكل المساحات مملوكة لمواطنين، ماء مخزون من آلاف السنين، بذور وأسمدة مدعومة من الدولة، كهرباء يسدد فواتيرها المواطن الذي يملك المزرعة، سوق لبيع المنتجات دون رسوم أو ضرائب، مشترٍ يُفرض عليه السعر حسب مزاج الوافد. ماذا يُقدمون هم لنا لقاء هذا الكنز من الحوافز؟ تقريباً لا شيء عدا تسويق السموم (المُبيدات) مع المنتجات الزراعية أثناء فترة التحريم. يذهبون يومياً في طوابير كالنمل إلى البنوك لتحويل الأموال إلى أوطانهم، تلك الدراهم التي قد ينطبق عليها وصف (بارِدة مبرّدة). لا ألومهم فلو وجدت مثل هذه الفرصة لاهتبلتها. ألوم نفسي وغيري من المواطنين الذين تركنا لهم الساحة يرتعون فيها وحدهم دون حسيب أو رقيب. من يدري ربما يكون معظم أولئك العاملين في تلك الأدغال بين أشجار النخيل خارج نطاق العمران أيضا بلا إقامات نظامية أو من الفارين من كُفلائهم فمن ذا الذي سوف يمرّ للتأكد من نظامية تواجدهم ورخص عملهم؟ السؤال: أين الشركات الزراعية الكبرى المساهمة المنتشرة في مناطق المملكة عن هذه الفرص؟ ولماذا لا تستحوذ على مصدر تلك المنتجات وتقوم بتسويقها وبالتالي يستفيد الوطن والمواطن. المواطن سيجد الفرص للعمل ليس كمزارع، فهذا حلم قد لا يتحقق، ولكن في الأعمال الإدارية والتسويقية. وأيضا المواطن المساهم في تلك الشركات سيأتيه نصيبه من الأرباح ويصبح سمننا في دقيقنا كما يقال. نتباكى على استنزاف المياه ذلك المصدر المهم غير المتجدد. ماذا بعد أن عرفنا أن الذي يستفيد من هذا الاستنزاف بشكل مباشر هو غير الذي سيموت عطشاً "ابن هذه الأرض"؟