مؤخراً قيض الله لي زيارة المدينةالمنورة ، وبلهفة كل مسلم توجهت للسلام على رسول الله صلوات الله عليه وسلامه وصاحبيه الكريمين أبيبكر وعمر رضي الله عنهما وفي الساعة المحددة للنساء وعبر الممر القسري الذي ينبغي أن نسير فيه نحن النسوة في ساعات الصباح الأولى بعد صلاة الفجر سرت وأينما انحنى بي الممر القماشي انحنيت حتى وصلنا إلى ما اعتقدناه جميعا قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدأنا بالسلام عليه وعلى صاحبيه كما تعلمنا ، غير أن السيدات اللواتي يقفن بين الزائرات والقبور كن يجتهدن في إيصال معلومة لمن أسعدهن الحظ ووقفن قبالة الأبواب مباشرة وبصعوبة التقطت أذناي ما كن يقلنه، وعرفت، بل صعقت بمعرفة أننا لسنا أمام قبر الرسول وإنما أمام قبور بناته وأننا مررنا في الطريق القسري على قبر الرسول دون أن نفطن وأن من أرادت أن تسلم على الرسول فلتتوجه إلى الخلف وأن تتحرى السجاد الأخضر بين السجاد الأحمر فهناك الروضة الشريفة حيث ينبغي أن نصلي .. وعبثا حاولت الاقتراب من الحارسة للاستفسار ، المهم أنني عدت القهقرى وسط الزحام ولم أعرف أيضا أنني أمام القبور المنشودة إلا بعد تدقيق النظر في الأرض لتمييز لون السجاد وحين وجدت السجاد الأخضر ووقفت للسلام لم أجد ما أسلم عليه فلقد تم حجب الأبواب عن النساء بعناية بقماش سميك يشكل أسواراً عالية تفصل بيننا وبين رؤية ما ينبغي أن نراه ، لم أعرف أين اوجه سلامي ولم أتمكن طبعا من اتباع الخطوات المنصوص عليها في السلام على الصحابة الكرام فسلم القلب وسلم اللسان ولم تسلم العين ولا حركة البدن .. وعدنا أدراجنا لنسمح لأفواج غيرنا من النساء المتلهفات على الزيارة أن يزرن أيضا .. والحقيقة أنا لا اعرف لماذا حجبوا عنا قبر الرسول عليه السلام وصاحبيه رضي الله عنهما ؟ ولا اعرف لماذا لا توجد في المسجد النبوي إشارات تدل الغرباء أو الغريبات تحديدا على ما هم بصدده ، لقد صلت سيدات كثيرات اجتهادا أمام قبر بنات الرسول عليه السلام وهن يحسبن أنهن في الروضة وبنين تصرفهن عن تصور واعتقاد وبقياس عقلي لا بيقين وإرشاد ومعلومة حقيقية ، وإذا كنت اقدر للحارسات اجتهادهن فان اقتصار كلامهن على من هن أمامهن فقط يغمط الباقيات حقهن ، فالقادمات للزيارة لسن من المدينة وكثيرا منهن لسن من المملكة أصلا وتكبدن الكثير من المشاق والمال والجهد من اجل السلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام في الروضة الشريفة ومن غير المقبول أن يغادرن المدينة وهن يعتقدن أنهن فعلن وما فعلن .. ونصيب المرأة في بقية مساجد المدينة مثل نصيبها في المسجد النبوي ففي مسجد قباء وفي مسجد القبلتين وفي أي مسجد آخر لا ينال المرأة من رؤية إلا أمتار مربعة أمام مكتبة عملاقة تحجب عنها رؤية المسجد والاطلاع على تفاصيله فتتساوى المساجد أمام عينيها ولا اعرف أين الحكمة في هذا الفصل والعزل الكامل ، وأين ذهبت الحواجز التي يمكن أن تشاهد المرأة من خلالها بقية المسجد حتى يتسع أفق الصلاة أمامها ولا تحده حواجز الأمتار القليلة المصمتة ؟ إن الرحلة إلى المدينةالمنورة عامرة بالإيمان والأثر الطيب والفعل الصالح والأمر يتساوى فيه الرجل والمرأة فلا تحرموا المرأة حقها في السلام والصلاة والتمتع بحلاوة نسائم طيبة الطيبة. [email protected]