يتضجر الموظفون من تكرار الاتصال عليهم خارج وقت الدوام الرسمي وتكليفهم بمتابعه بعض المهام المتعلقة بالعمل ومزاولة مهام عملهم خارج نطاق الدائرة التي يعملون بها، وبعض هؤلاء يستمتع بهذا الأمر ويتكيّف معه حتى وإن كلّفه أن يقضي يومه كاملاً في متابعة المعاملات والرد على الاستفسارات.. هذا الأمر يعده الكثير من الموظفين مشكلة كبيرة تتضاعف بإرغامهم على العمل طوال اليوم؛ مما يفقدهم الاستمتاع بالحياة والتواصل الأسري، وربما يقضي أحدهم يومه بين أسرته إلاّ أنّ هاتفه وجهاز الحاسب الآلي يبقيان ملازمان له طول تلك الفترة.. أمر مزعج وتصرف يرفضه الكثير، فيما اعتاد عليه البعض، بينما أرغم عليه آخرون!. اتصالات مستمرة أسر تشتكي من أبيهم: «حتى في البيت شغل..يكفي ارحم نفسك وانتبه لنا شوي..محتاجينك»! بدايةً ذكرت "البندري محمد" أنّ هذه المشكلة لم تستطع حلّها بأيّ شكل من الأشكال فحين انتهاء الدوام الرسمي -الذي يمتد إلى الواحدة والنصف ظهراً- إلا أنّها تواجه اتصالات بعد ذاك وتستمر إلى المساء في بعض الأحيان، مبينةً أنّها في بداية الامر كانت متقبلة، ولكن مع استمرار الوضع رأت أنّها تكمل مهام عملها بالمنزل وانعزلت عن اسرتها وابنائها، فقررت عدم الرد على أيّ اتصال يأتي من جهة العمل لأنّها غير محاسبة على أيّ عمل لم ينفذ خارج وقتها الرسمي، مشيرةً إلى أنّها تفاجأت عندما أهملت الرد على المكالمات بانهمار التوجيهات وطرح الأسئلة عن طريق رسائل الجوال. تغير رقم الهاتف وأوضحت "منى الهبدان" أنّه عندما لاحظت أنّ رقمها الشخصي تنهال عليه مكالمات خارج وقت العمل الرسمي من قبل زميلات العمل واستفساراتهن عن بعض المعاملات وتكرار الاتصالات اضطرت إلى تغيير رقم هاتفها الشخصي، مشيرة إلى أنّها عند خروجها من مكان عملها تغلق الرقم الذي يعرفه زملاء عملها تماماً وتستخدم رقمها الشخصي الذي تستقبل فيه اتصالات الأهل والأصدقاء، مضيفةً: "بهذه الطريقة لا يستطيع أحد أن يلومني لأنّ كل ما تم طلبه مني تم تنفيذه في الوقت الرسمي، ولا أستطيع أن أحمل نفسي فوق طاقتها". حدود لأوقات العمل وبيّنت "العنود عبدالمجيد" أنّه عندما التحقت بوظيفتها الجديدة وضعَت حدوداً لأوقات العمل إلاّ للضرورة القصوى، موضحة أنّ أول اتصال تلقته خارج وقت دوامها الرسمي نبهت فيه المتصل أنّ هذا الوقت ملك لها ولأسرتها ولا تستطيع عمل أيّ شيء فيه، خصوصاً أنّ كل ما يخص العمل من أوراق ومهام لا تنقلها معها للمنزل حتى يكون هناك فصلٌ بين العمل والمنزل، مؤكدة على أنّ هذه المكالمة وضّحت للجميع عدم رغبتها في تلقي الاتصالات خارج وقت العمل الرسمي. تجاهل المكالمات وكشفت "عائشه المبرد" أنّها لا ترد نهائياً على الاتصالات الواردة خارج وقتها الدوام الرسمي وتتجاهلها تماماً، مبينةً أنّ الوقت الذي تقضيه في العمل كاف جداً لإنهاء المهام وإنجاز المعاملات. العدل بين الأولويات ورأت "ابتسام العوفي" ضرورة أن يختار زملاء العمل الوقت المناسب للاتصال، إذ لا يمكن أن ينفذ الشخص مهام عمله باقي يومه وهو بالمنزل حتى لو تقاضى مبلغاً مادياً على ذلك، حيث إنّ لكل فرد بيئته الخاصة وحقوقه وواجباته تجاه أبنائه وأهل بيته، فمن الصعب أن يولي كل اهتمامه للعمل ويهمل البيت والأبناء، الذين هم أساس كلّ الحياة، مبينةً أنّها مثلما تهمل الرد على أبنائها وعدم الإصغاء لهم في وقت الدوام الرسمي لكثرة الأعمال فمن الواجب أن يكون بقية اليوم لهم؛ لأنّ العدل مطلوب. متابعه بشكل مستمر وأفادت "سهام محمد" أنّها قد تُجبر على متابعة البريد اليومي لساعات متأخرة حتى تستطيع ترتيب جدول اليوم التالي، وتتمكن من تقديم الموضوع الأهم وتوجيه المواضيع الأخرى لجهة الاختصاص، مبينةً أنّها أصبحت تحمل جهاز الحاسب في كل مكان خلال أيام الإجازات الإسبوعية؛ كي لا تخلّ بالعمل وتستطيع أن تنظمه بالشكل المطلوب، موضحةً أنّها اعتادت الأمر منذ أول يوم التحقت فيه بالوظيفة، وأصبح العمل يزداد يوماً بعد يوم ولا تستطيع تغيير النمط الذي سلكته؛ لخوفها من عدم انضباط العمل، ولأنها لا تحب أن تخوض تجربة جديده ليس لها علم بنتائجها، ولذلك هي تستمر على هذا المنوال. لبدنك عليك حق ولفتت "هنادي الجار الله" إلى أنّه مهما كان الشخص محباً للعمل ومعتاداً على طبيعته واستمراره خارج أوقات الدوام بمتابعة أمر ما أو الرد عليه حباً للعمل أو إثبات نفسه عن رؤسائه، إلاّ أنّه من المهم أن لا يهمل حق بدنه أن يريحها وأن يجعلها تستمتع بقسط من الهدوء في أوقات معيّنه، وأن لا يستمر بدوام متكامل خال من الراحة والترفيه عن النفس. هاتف للعمل ونوّه "عادل عبدالله" أنّه جعل للعمل هاتفاً خاصاً يستقبل المكالمات والاستفسارات خارج وقت الدوام لساعات معينة فقط، وبعد ذلك لا يرد وعلى المتصل أن ينتظر لليوم التالي؛ لأن الكثير يتصلون ويكررون اتصالاتهم على مواضيع تافهة جداً لا تستدعي الاتصال في تلك الأوقات المتأخرة من الليل، مضيفاً أنّ بعض الزملاء في العمل لا يدركون أنّ الاتصال خارج وقت الدوام الرسمي للأهمية القصوى فقط. اتصال المدير وأضاف "عبدالكريم محمد": "قد نجبر في بعض الأوقات على إتمام أمور العمل في المساء خاصة إذا كان الإتصال من المدير مباشرة، وطلب أداء مهمه أو إرسال خطاب أو ما شابه ذلك ولا نستطيع أن نرفض ولا أن نتجاهل الاتصال احتراماً وتقديراً له، ومع أنّ الوقت ليس للعمل لكن بعض المديرين يجبرون موظفيهم على إبقائهم مستمرين في العمل بأيّ وقت قد يطرأ عليه أيّ استفسار عن أمر ليجد الرّد سريعاً منه، بالرغم من عدم معرفتهم بالظروف التي يمر بها الموظف". استنزاف للموظف واعتبر "محمد بن شلهوب" أن إرغام الموظف على متابعة أعماله خارج وقت الدوام الرسمي يعتبر استنزافاً في حقة وظلماً له؛ لأنّ لكل شخص التزامات أسرية وعائلية تجعله يضع حداً فاصلاً بين العمل والحياة الأسرية، مضيفاً: "لو أكمل الموظف يومه في أعمال متواصلة لأهمل حقّ نفسه وأسرته وواجباته العائلية، ولن يفيق من ذلك السبات إلا بعد أن يتقاعد، ويكتشف أنّ عمره ضاع في عمل مستمر وعلاقاته الأسرية ضعيفة جراء قلة تواصله معهم". طرق جديد وأشارت "مريم صالح" إلى أنّ يومها أصبح كلّه عملا حتى إنّها تفتقد طعم الحياة الحقيقية والذهاب الى المتنزهات والأماكن الترفيهية، مبينةً أنّها ما إن تنبهت ورأت من حولها لا تقل ميزاتهم عنها، إلاّ أنّها تعمل بشكل إضافي أثّر سلباً على حياتها، منوهةً أنّها بدأت في سلك طريق جديد بتغيير المسار الذي أرغمت نفسها عليه وظلمتها بالعمل دون راحة.