سعدت في هذه الأيام مع كوكبة من أعضاء مجلس الشورى بزيارة ودية لجمهورية جورجيا في إطار الزيارات المتبادلة بين أعضاء لجان الصداقة السعودية الجورجية؛ ومع أن العلاقات لم تكتمل بعد بين البلدين أي لا يوجد سفير لكل من السعودية وجورجيا في كل من البلدين إلا أن تنسيق المواقف وتبادل الزيارات بين قطاعات عدة تجري كالمتبع. بلد ليس لنا به سفير وليس هناك خطوط جوية مباشرة لكن ما شاهدناه أدهشنا لدرجة لا تكاد تصدق. نعم الجورجيون قادمون, حكومة شابة ملئت بالحيوية والأمل، حرب كاملة على الفساد, تسامح مع كل الجيران حتى من كانوا معهم في حروب, تقدير عال لمواقف المملكة معهم في المحافل الدولية. يحلمون بدولة تنافس الذين سبقوهم اقتصاديًّا وحضاريًّا رغم شح الموارد, ولكن عزائمهم تفل الحديد؛ يحلمون بأن يقدرهم جيرانهم الذين كانوا معهم على خلاف بعد أن يشتد عودهم. تسألهم كيف ستكون علاقتكم مع جيرانكم؟ يقولون: قدرنا واحد ولابد من التعايش والإيمان بأن لكل خصوصيته وحقوقه. سننسى الماضي, لن نكثر العويل والتأسف والتأسي؛ بل سننطلق بقوة وشجاعة نحو البناء والتنمية الشاملة. العجيب فيهم أن كل المسؤولين الذين سعدنا بمقابلتهم على كل المستويات، وكذلك من رافقنا منهم يتحدثون بلغة واحدة: حلم المستقبل الواعد, حلم القمة، والاطمئنان إلى مستقبل مشرق، ويرددون دائمًا المملكة العربية السعودية هي مفتاحنا إلى المزيد من الاستثمارات مع الدول العربية ودول الخليج, لديكم البترول ولدينا الماء، نعمة أكرمنا الله بها سنحولها إلى طاقة كهربائية وسنزود بها العالم، وقد بدأنا في تسطير العقود بتسهيلات لا حدود لها للاستثمار والمستثمرين. جمع منهم تحدث عن المملكة ومكانتها في العالمين العربي والإسلامي وما تحظى به وما يجب أن تحظى به لدرجة أخجلتنا. جورجيا بلد هادئ جميل بأنهاره ووهاده, جميل بشبابه وهممهم العالية، جميل بطموحاته وحبه للمستقبل وثقته به. لقد صدق عالمنا الذي زار بلاد الغرب حينما قال وجدت الإسلام ولم أجد المسلمين؛ فهنا السلوك السليم، وهنا التفاني في سبيل البناء والتنمية، وهنا الصدق والمصداقية، وهنا الإخلاص في العمل بشكل لافت للنظر..! كل ما تتمناه من العاملين وقبولهم بواقعهم وحرصهم على تنمية بلادهم، وحربهم على الفساد تجد جلسة في الجورجيين. لم نشعر بفقدان علاقاتنا الرسمية معهم والتي ستأخذ مكانها متى ما رأى البلدان استكمال الإجراءات المعتادة لهذا الامر لأنهم بجديتهم وكرمهم قد أنسونا ذلك الأمر. نعم الجورجيون قادمون، ونحن نبارك لهم جدهم وإخلاصهم، ونحيي فيهم حبهم لوطنهم وحبهم لكل من يمد لهم يده للمصافحة أو للمساعدة من خلال حبهم لتبادل المنافع والخبرات والمهارات في شتى المجالات. * عضو مجلس الشورى