مرة أخرى يستدعي الأمير محمد بن رشيد آن بلنت وزوجها ولفريد من قصر الضيافة المعد لهم ويأتون حاملين بعض الهدايا التي جلبوها معهم والتي شعروا بتفاهتها بعد مقابلة الأمير حيث لم يكن عندهم مفهوم كامل وتصور بمقام الأمير ومركزه الحقيقي فقدموها على استحياء أثناء استقبالهم في إحدى الغرف العليا للقصر وقبلها الامير برحابة الكبار بعد ذلك تبعوه إلى حديقة القصر وسار بهم عبر ممرات ملتوية وأبواب عديدة حتى وصلوا إلى حرج نخيل وهناك انضم إليهم بعض العبيد باللونين الأبيض والأسود وشاهدوا داخلها عددا من الغزلان والوعول وثلاث بقرات وحشية ثم تبعوه من خلال باب منخفض إلى حديقة أخرى تضم أشجار الليمون والاترنج والرمان وزحفوا خلف الأمير من خلال باب صغير إلى إسطبل مملوء بإناث الخيل يوجد به عشرا منها وثانٍ يحتوي على نفس العدد وثالث فيه ثمان خيول ورابع يحوي بين ثلاثين إلى أربعين مهرا تقول الكاتبة بأن الأمير وبإشارة نبيلة قال بسخرية: هذه هي خيول عبيدي ورغم تواضع الأمير كما تقول إلا أن هذه خيول بن رشيد المشهورة من سلالة مقتنيات فيصل بن سعود التي نسج حولها الخيال ومضت إلى القول: فكر الأمير في مشهد ليس اقل إثارة لاهتمامنا، وهو مطبخ الضيافة. وهنا وبفخر لا يخفى عرض الأمير قدوره وأوانيه خصوصا سبعة قدور هائلة يمكن لكل واحد منها حسب تقدير الأمير أن يتسع لثلاثة جمال وعدد منها كانت بالفعل في حالة استعمال، لان بن رشيد يستقبل يوميا 200 ضيف إلى جانب أهل القصر وقائمة الطعام اليومي 40 خروفا أو سبعة جمال وعندما خرجنا وجدنا العدد العديد من الطاعمين يتجمعون. كل غريب في حائل له محله على مائدة ابن رشيد وعند الغروب يبدأ البهو بالامتلاء. وعن علاقة الأمير بابن عمه حمود قالت في كتابها (رحلة إلى بلاد نجد): توطدت صداقتنا مع حمود وعائلته وهو رجل يوحي بالثقة من البداية ويقال إنه يرفض دائما أن يقبل هدايا من الأمير ولا يوافقه دائما على بعض تصرفاته ولو انه سانده سياسيا ويخدمه بإخلاص كأخ. وصفاته ممتازة كصفات أي رجل يمكن أن يوجد في العالم والى جانب ذلك فهو ذكي ومطلع. واني لأتخيل انه يقف بالنسبة إلى ابن عمه محمد إلى حد ما في المركز الذي وقف فيه (مورني) بالنسبة إلى لويس نابليون إلا أن مورني لم يكن رجلا طيبا ولا سيدا رفيعا كحمود، إن حمود يقدم النصيحة للأمير وفي المجالس الخاصة يبدي رأيه بصراحة. انه بالنسبة للعالم الخارجي فقط يبدو كالتابع للأمير. وفي الجانب الآخر كانت الكاتبة آن بلنت قد تحدثت قبل ذلك عن تاريخ آل رشيد والمؤسس الاول عبد الله الرشيد وهو من فخذ (عبده) من قبيلة شمر عمل مع آل سعود في أعالي نجد وعينه ابن سعود أميرا على جبل شمر وكان محاربا عظيما واخضع كل البلاد للنظام بمساعدة أخيه عبيد البطل الرئيسي والذي ترك سمعة عظيمة بين العرب لكرمه ومروءته وشهامته وهي الفضائل الثلاثة الرئيسية عند العرب والذي خلف اخاه على امارة الجبل وكان هو من اشار بتحطيم الجيش التركي بالنفود ويحكى انه لم يترك مالا بعد موته سوى سيفه ومهره وزوجته الشابة ترك هؤلاء لابن أخيه محمد بن رشيد مع رجاء ان يبقى سيفه مغمدا والا يركب مهره ولا تتزوج ارملته، واحترم ابن رشيد رغبتي عمه الاولى والثانية. ثم تحدثت عن صرامة وقسوة محمد بن رشيد خصوصا مع قطاع الطرق والعابثين بالأمن بناء على رواية أدلائها وعن بعض ما أسمته سفك دماء إلا أن حكمه على الجبل مع شدته كما قالت كان صالحا وعادلا واضفى على حائل ومنطقة الجبل مزيدا من الازدهار والأمن حتى أن المسافر والمقيم يشعر دائما بالأمان والاطمئنان في إقامته وتنقلاته حتى خلت المدينة وتوابعها وكل المناطق الخاضعة لإمارته من اللصوص الذين كانوا في حال القبض عليهم يؤدبون بصرامة ثم يغربون عن حائل في نطاق 300 ميل وهو أيضا سخي ويمارس كرما لا حدود له ولا يمكن أن يطرد إنسان من بابه فقيرا كان أو غنيا بدون طعام ونادرا بدون هدية من الملابس أو النقود وهي مقتنعة تماما أن الكرم في بلاد العرب يغطي الكثير من الخطايا والعيوب إلا أنها رجعت وقالت بأن العرب ينسون بسهولة أما عن أسرة البلاط وأهم الشخصيات فقد بدأت بحمود الذي قالت إن له عدة أبناء أكبرهم ماجد في السادسة عشرة يحوز كل سحر طباع أبيه وله إلى جانب ذلك جاذبية الشباب الودود والجمال المثالي. وماجد هذا الفتى الذي يبدو غلاما، متزوج وتعرف على زوجته (رقية) وهي فتاة جميلة جدا وصغيرة القد صغيرة السن وهي إحدى بنات متعب وأختها زوجة لحمود.. (يتبع).