هذا التساؤل دائماً مايطرح خلال الفترات التي يشهد بها سوق الأسهم تذبذبات حادة تعصف به نزولا بمئات النقاط الحمراء (شبه انهيار) ثم ينقلب الوضع خلال دقائق الى ارتفاع كبير وبدون تبرير من الجهة المختصة بإدارة السوق وبتخبط واضح من محللين بالآراء والتحليلات! ومع استمرار حدوث ذلك أصبح المستثمر يبحث عن من حول السوق لمحفظة واحدة تديره باقتدار عجيب وتتحكم بأسعار شركاته! وللحقيقة فإنه عند البحث عمن يدير هذا السوق لم نتوصل الى جهة محددة! لأننا نرى بأن لكل صاحب مصلحة بالسوق أصبح لديه مقود يوجه به السوق او شركاته في ظل صمت ممن نعتقد بأنها من يدير السوق ويحمي المستثمرين، وهو الأمر الذي يجب علينا فهمه لتوفير الحماية الذاتية لنا! فجميعنا يعلم بأن هيئة السوق المالية هي الجهة المختصة بإدارة سوق الأسهم، ونعلم بأن من أهم عناصر الإدارة: التنظيم والرقابة والمتابعة، إلا أننا عندما ندقق أكثر بالسوق سنكتشف بأن هيئة السوق المالية ركزت بشكل رئيس على عنصر التنظيم، مما تسبب ذلك في ظهور جهات متعددة (غير رسمية) تدير السوق وتؤثر بوسائلها المحدودة على مجرياته بشكل كبير يفوق تأثير الجهة الرسمية وهو ما ألحق الضرر بمعظم المتعاملين به! وأصبح سوقنا مفتوحا لمن يطمع به من كبار المستثمرين والمضاربين والصناديق حتى المكاتب الأجنبية! وشعرنا بأنه لا توجد جهة مختصة تدير السوق وتمنع تلك التدخلات والتجاوزات التي تحدث فيه! فمن خلال الشكوى المتكررة من التلاعب الذي يحدث بصفقات السوق والتذبذبات الحادة والعروض الوهمية وغيرها من المخالفات، تبين بأن الجهة المشرفة لم تعط ذلك الأهمية اللازمة لحماية المستثمرين بالسوق، فسابقاً كنا نلتمس لها العذر في ذلك بسبب قدم نظام التداول وعدم تمكنه من كشف تلك الممارسات (على الرغم من تطبيقها سابقا لعقوبات بسبب مخالفات كشفها النظام القديم) وكانت الهيئة تعدنا بانتهاء تلك الممارسات بعد تطبيق نظام التداول الجديد (ساكس) الذي يشتمل على كافة المعلومات التفصيلية اللازمة لمراقبة السوق، إلا انه وبعد مرور (7) أشهر على تطبيق النظام بنجاح مازلنا نشاهد تلك المخالفات بالسوق وبشكل فاق ماكان يحدث سابقا! بل إن نسبة التذبذب اليومية قد زادت بشكل خطير وأصبحنا نشاهد نسبا دنيا ثم عليا خلال دقائق! ومما يؤكد عدم معاقبة المخالفين هو استمرار حدوث تلك المخالفات في شركات متعددة! بل ان شركة سابك وهي شركة كبرى حولت الى شركة للمضاربة! فما الفائدة من الإعلان بتوفر تقنيات عالية بالنظام لايستفاد منها لضبط عمليات السوق ولتوفير الثقة بصفقاته؟ وإذا ركزنا على عنصر الشفافية الذي حرصت هيئة السوق المالية على تطبيقه لتوفير المعلومة الصحيحة للجميع منعا لاستغلال أي معلومات داخلية، فإننا سنلاحظ أن تلك الشفافية قد تم استغلالها بشكل جديد! وساهم صمت هيئة السوق في انتشاره، فأحدث أشكال ذلك الاستغلال ما حدث خلال نتائج الربع الأول لعام 2008م، فقد أعلنت كالمعتاد احدى الشركات عن نتائج أعمالها ولكن بعد تفاعل السهم مع تلك النتائج عادت الشركة مره أخرى لتعلن عن تصحيح لما ورد بإعلانها السابق! وقد يبدو ان هذا الأمر طبيعيا بالسوق ولكن لعدم وجود جهة تحاسب الشركة على سبق نشره وتتأكد من عدم التعمد بالتضليل، فقد تحول هذا الأمر الى ظاهرة بالسوق! فلأول مرة تعلن (6) شركات خلال أيام عن تصحيح لإعلاناتها الخاصة بنتائج الأعمال! من المؤكد ان هناك من تضرر من تلك الأخطاء المفتعلة؟ أما إذا عدنا لموضوع التقييمات لأسعار أسهم شركاتنا التي تعلنها بعض المكاتب الخارجية بدول مجاورة (إدارة عربية بأسماء أجنبية) فإننا سنكتشف أنها تقوم بإدارة سوقنا بطريقة مختلفة وعبر تحديد قيمة محددة لأسعار بعض الأسهم وتوصي بالشراء بها وهي التي سبق التنبيه على خطورتها على سوقنا في بدايات ظهور تلك الظاهرة (لعبة التوصيات الأجنبية في 2007/5/31م) لكونها تمتلك صناديق استثمارية وتدير محافظ البعض! والأخطر انها توصي بالبيع إذا كان سعر السهم أعلى من التقييم كما حدث لسهم الراجحي قبل أيام! وأمام صمت الجهة المختصة وعدم إيضاح أهداف تلك التقييمات فإن تلك الظاهرة تطورت فتشجعت بعض مكاتبنا المرخصة لممارسة تلك اللعبة لتعطي توصيات بأن القيمة العادلة لمؤشر السوق هي (8500) نقطة بل إنها أوصت الاسبوع الماضي ببيع سهم الفنادق الذي يتداول بسعر(35) ريالا لكون السعر العادل فقط (25) ريالا! ولكن المفاجأة الغريبة هي قيام مكتب كبير ومرخص من الهيئة بتقييم سهم شركة المعجل فور انتهاء الاكتتاب بسعر (82) ريالا! وهو السهم الذي تم طرحه للاكتتاب بسعر (70) ريالا! فما الهدف من ذلك التقييم؟ وهل احد صناديق هذا المكتب مكتتب في الأسهم المخصصة للصناديق أم إن ذلك احد أشكال التنافس بين الصناديق؟ الحقيقة يجب أن تبحث هيئة السوق عن الدوافع لنشر ذلك التقييم بعد انتهاء الاكتتاب وليس أثناءه! ولكن المهم هو هل أسعار شركاتنا بتلك الدقة حتى يقوم مكتب مرخص بإصدار توصية صريحة بالبيع وهو يعلم جيدا حقيقة سوقنا وما يؤثر به! إن إدارة السوق لا تقتصر فقط على إصدار الأنظمة واللوائح الخاصة بتعاملات السوق وشركاته والموافقة على الاكتتابات الجديدة والترخيص لشركات الوساطة والمكاتب الاستشارية وصناديق الاستثمار بل إن المهمة الأساسية هي حماية المستثمرين بالسوق، أما إصدار تلك الأنظمة والتراخيص فهي الوسائل التي تساعد على تحقيق الحماية المطلوبة! إلا أن عدم متابعة التطبيق الصحيح لتلك الأنظمة ومراقبة أعمال جميع المصرح لهم بممارسة الأنشطة المتعلقة بالسوق والتداولات اليومية وكشف التلاعب بالصفقات وما يؤثر على أسعار الأسهم بشكل عام، يلغي أي جهد او انجاز تقوم به هيئة السوق! كما إن تسرب القرارات التي تعتزم إصدارها يتسبب دائما في إفساد دورها ويعكس الهدف من تدخلها وهو ما يتطلب ايضا تطبيق الرقابة داخليا على أعمالها منعا لاستغلالها! ومن هنا فإن عدم القيام بمهمة الرقابة والمتابعة لما يحدث بالسوق هو السبب في تعدد القيادات التي تدير هذا السوق وشركاته وإيقاع الهيئة في حرج كبير بسبب ذلك؟ ب