كل الأخبار التي تتسرب من داخل الاتحاد السعودي المؤقت لا تعبر إلا عن وجود الفوضى داخله، وهذه ليست وليدة الحال، بل منذ اليوم الأول لتشكيل الاتحاد المؤقت على إثر استقالة الاتحاد في أعقاب الفشل في تصفيات المونديال، إذ كل البوادر تشير إلى أن ثمة أمرا ما يطبخ. بل إن استقالة الأعضاء المعينين وإبقاء المنتخبين رغم تداعيهم للاستقالة يؤشر إلى أمر ما. الدكتور حافظ المدلج قال في آخر حواره الأخير انهم - أي المعينين - من اقنعوا الأعضاء المنتخبين بعد عملية تشاور بالبقاء في مناصبهم لتسيير الاتحاد؛ خصوصاً - والكلام للمدلج - أنه كان يقال عنهم بأنهم مهمشون، هذا على الرغم من حراجة الفترة، وكأني بهم قد أدخلوهم في فخ يصعب الخروج منه؛ إذ ليس خافياً أن الأعضاء المستقيلين كانوا يقبضون على كل مفاتيح الاتحاد، ليس في دورته الحالية فقط، بل منذ دورات عديدة ماضية. صحيح أن اللجان العاملة في الاتحاد بقيت برؤسائها وأعضائها ما يعني أن دورة العمل داخله لم تتوقف؛ لكن هذا الأمر كان بحد ذاته مشكلة أخرى، إذ بدا واضحاً وكأن هذه اللجان لا تأتمر بأمر أعضاء مجلس الإدارة، كجهة تشريعية، مقابل جهة تنفيذية؛ بدليل حالة التصادم التي تمت بين المجلس واللجان، والتي أفرزت بحسب الأخبار الأخيرة المسربة رغم التكتم عليها عملية إقالات في لجان ومناصب حساسة. إذ بحسب الأخبار المسربة فإن ماكينة الإقالات طالت السكرتير الإداري للجان القضائية عبدالعزيز القحطاني، والسكرتير القانوني للجنة القانونية مصعب الصراف، والمتخصص في اللوائح والأنظمة الفنية عبدالمحسن الدهيمي، وتلك الإقالات إن كان تشي بشيء، فإنما تشي إلى أن المقالين لم يكونوا يعملون لمصلحة مجلس الإدارة بقدر ما كانوا يعملون لمصلحة جهة أخرى. التصادم مع مجلس الإدارة المؤقت برئاسة أحمد عيد لا يقف فقط على اللجان العاملة، لاسيما ذات العلاقة بالصبغة (القضائية والقانونية)، وإنما يمتد إلى رابطة دوري المحترفين، والتي يفترض أنها أحد أذرع اتحاد الكرة؛ ولعل ما يفضح حالة التوتر في العلاقة بين الطرفين البيان الأخير الذي أصدرته الرابطة على خلفية فضيحة منصة التتويج في ختام الدوري، إذ حملت الأسباب على ظهر مجلس إدارة الاتحاد المؤقت، في وقت لم تبقِ أحداً لم تبرئه وتشكره في البيان، فضلا عن طريقة صياغته، والتي فيها مساس واضح بصورة المجلس وهيبته. الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل إن هناك ما يؤكد على وجود عملية اصطفاف تتم داخل أسوار الاتحاد تمهيداً للمعركة الانتخابية المنتظرة، ما بين الأعضاء المنتخبين الذين يديرون الاتحاد المؤقت من جهة، وبين الأعضاء المعينين المستقيلين، والذين مازالوا يقبضون على أهم مفاتيح الاتحاد، إن في اللجان أو الرابطة، وأن تلك الاصطفافات وصلت إلى مرحلة اللعب على المكشوف من خلال قيام كل جهة بتسريب أخبار عن الجهة الأخرى. أمر آخر لا يمكن إغفاله في مسألة الفوضى التي تجتاح بيت الكرة السعودية، وهو ما تم تداوله مؤخراً حول أن إدارة المنتخبات تسير على حافة الإفلاس، وأن هناك عملية تقليص لبرنامج المنتخبات، ولعل التفاصيل الدقيقة في الخبر المسرب توحي بأن التسريب يبدو متعمداً، لإحراج الاتحاد المؤقت، ولإظهار المرحلة بصورة أكثر حراجة على مستقبل الكرة السعودية، وهو ما يجعلني أكاد أجزم أن ما يمر به الاتحاد ليس مجرد فوضى عشوائية، وإنما فوضى خلاقة، وهنا تكمن المصيبة!.