اي غيور على رياضة الوطن لا يمكن ان يسره ابتعاد صاحبة الشعبية الاولى «كرة القدم» عن كأس العالم للمرة الثانية على التوالي وهي التي تمتلك اضخم دعم من الدولة ومن مداخيل وعقود خلال الاعوام القليلة الماضية الى ان اصبح لديها هيئة للمحترفين وفق اشتراطات الاتحاد الاسيوي، ولكن ماذا يفعل المرء عندما يشاهد هذه الرياضة ترزح تحت وطأة الاخفاقات والفوضى الادارية والفنية وغياب الدعم عن الاندية من رعاية الشباب واتحاد الكرة، وعدم صرف مرتبات اللاعبين والعقود الباهظة التي تبرم لاستقدام المدربين الاجانب وخلال فترة وجيزة تنهى عقودهم ثم يظفرون بالشرط الجزائي يغادرون الى بلدانهم وهم يتندرون بطريقة ادارتنا للرياضة واهلها.. وهكذا دواليك دون اي مردود يطور من كرة القدم ويرتقي بها. البيان أكد استمرار اللجان وبعضهم أعضاء فيا ترى من الذي استقال؟ لذلك من الطبيعي جدا ان يحدث السقوط المدوي امام استراليا بنتيجة 4-2 لتغادر المسرح الرياضي الدولي وسط حزن كبير وألم يعكس التطلعات والطموحات التي اصبحت اكبر من الواقع المر الذي تعيشه رياضة الوطن ويحيدها عن المقدمة منذ اعوام، مع العلم أن هذا الاخفاق ليس الاول انما هناك اخفاقات اخرى تتم معالجتها بالاعذار والمسكنات التي جاءت مضاعفاتها سلبية. وكثيرون مع الاسف حاولوا الاستذكاء والتذاكي على المتابع، فتارة يحمل المدرب المسؤولة، وتارة اخرى للاعبين، وتارة ثالثة للجهاز الاداري، ورابعة للاعلام، وخامسة للظروف المتعددة (حسب رأيهم)، من دون ان يقتربوا من العلة الرئيسية المرتبطة بسوء التخطيط وتكاثر الاشخاص في الاتحاد واللجان والهيئات من دون فائدة تذكر، بل ان البعض بقي وكأن المناصب في رعاية الشباب والاتحاد حكرا عليهم، وانه لا يوجد ب (هالبلد الا هذا الولد). نأمل ألا يكون الهدف فقط تجاوز الأزمة ومن ثم العودة إلى الوضع القديم! مجاملة مضرة برياضة الوطن ويا للاسف هناك مجاملة فاضحة للاتحاد، وهناك خوف من نقده عسى ان يرى يتعدل الوضع ويعبر بالرياضة، وتحديد كرة القدم الى الطريق الصحيح، حتى الاستقالة التي جاءت بعد (خراب مالطا) اعتبرها المطبلون والباحثون عن التعمير باللجان والمناصب والقرب من صاحب القرار وقتاً اطول شجاعة، ولا نعلم ماذا بقي غير هذه الاستقالة التي حتما لا تكفي للعلاج، وتقويم الوضع، وستر عورة الاخفاقات، وزرع الابتسامة، والعودة الى جادة الانتصارات الغائبة، نعم هناك من يهرب عن الحقيقة ويخشى من صاحب القرار، لذلك هو يحاول ان «يدبس» المسؤولية بظهور اشخاص ليس لهم علاقة مثل اللاعبين والمدربين واي جهة كانت، اما الاتحاد فهو بريء، هكذا يصورون للمجتمع الرياضي ويحاولون تضليله بالعديد من التمثيليات التي من الممكن ان تنطلي قبل عصر الفضاء والانترنت والاتصالات الحديثة والتواصل السريع، اما في عصر الاحتراف وتقدم الدول وتحول الرياضة الى صناعة واستثمار وواجهة فاصبح لا يفيد. الاستقالة لاتكفي التجديد امر مطلوب ومحاولات تعديل الاوضاع بادرة محمودة، ولكن ماذا عندما تكون في الطريق الخطأ، وفي لحظة تهدف الى امتصاص الغضب فقط وتهدئة ثورة الغضب، فاتحادنا العزيز أكد في اجتماعه قبل عشرة ايام الذي صدر على هامشه بعض القرارات انه بغض النظر عن نتيجة المنتخب السعودي الاولمبي في تصفيات اولمبياد لندن امام قطر والمنتخب الاول امام استراليا في تصفيات كأس العالم سيستمر في رسم خططه للنهوض بالكرة والرياضة، ثم يعلن اول من امس استقالته الجماعية بعد الخسارة من استراليا، ويؤكد في بيانه انه قدم استقالته رغبه من رئيس للاتحاد ومن أعضاء مجلس الإدارة في اعطاء الفرصه للتغيير والتطوير. وبناء على الأنظمة المتبعة في مثل هذه الحالة وبالتالي تم تكليف ادارة مؤقته لتسيير اعمال الاتحاد الى ان يعاد انتخاب اتحاد جديد خلال الاشهر القليلة خلال الجمعية العمومية للاتحاد وتتشكل الإدارة المؤقته لتسيير اعماله، والسؤال لمن قدمت هذه الاستقالة؟ خصوصا اذا ما عرفنا ان رئيس الاتحاد هو الرئيس العام لرعاية الشباب وضمن الذين قدموا استقالاتهم؟ واذا كانت الاستقالات تقدم للجمعية العمومية هل هذه الجمعية مفعلة؟ ومنذ متى؟ وسؤال آخر هل يكون هناك استقالة من دون اجتماع عاجل او بعد حين؟ ثم سؤال ثالث هل يحق لمن يستقيل ان يكلف لجنة مؤقتة لادارة الاتحاد وهو مستقيل؟ أين المرجعية التي تبت بهذا الأمر؟ نورونا بالنظام وافيدونا.. هل هذه الاجراءات قانونية وصحيحة؟ ثم كيف يكلف الاتحاد المستقيل اعضاء منتخبين شبه مهمشين وهذا يعني انه لم يكن لديهم ما يقدمونه او ان هناك من فضل ان تتخذ القرارات من دون أخذ رأيهم؟ من يبت في الاستقالة؟ وسؤال رابع (نثق في احمد عيد وطارق كيال وندرك حرصهم على النجاح) ولكن كيف سيكون موقفهما عندما يكون هناك قضية طرفها النادي الاهلي الذي يخوض منافسة قوية على لقب بطل دوري «زين» والاخير طبعا المشرف العام على فريقه، وهذا لا يعني عدم الثقة في حياديتهما، ولكن الموقف سيكون محرجا ويعرضهما لكثير من الانتقادات التي ربما لا يستحقانها انما لأن وسطنا الرياضي عاطفي ويحكم على عمل الشخص من اخلال انتمائه لناد معين؟! ويضيف بيان الاستقالة: «ستتولى الإدارة تسيير اعمال الاتحاد فيما ستحيل القرارات الإسترتيجية وما يتعلق بالقرارات الخاصة بالموسم الرياضي المقبل الا للضرورة الى مجلس إدارة الاتحاد الجديد المنتخب وستسمر لجان وإدارات الاتحاد والأمانة العامة والأجهزة الفنية والإدارية للمنتخبات بأداء اعمالها حتى تشكيل مجلس الإدارة القادم ليتخذ حينها القرار الذي يراه مناسبا». لاحظوا ان البيان أكد استمرار رؤساء اللجان الذين بعضهم اعضاء في الاتحاد، إذن من الذي استقال؟ وهل يحق للشخص المستقيل ان يمارس العمل في هذه اللجان التي جاء لها عن طريق عضويته في اتحاد الكرة؟ ثم ان الجمعية التي تبت بالاستقالة هي الجمعية القديمة (اذا كانت مفعلة) ام الجديدة؟ ويواصل البيان قوله: «حسب النظام الاساسي ستكون الجهة المعنية بانتخاب مجلس ادارة الاتحاد الجديد ومحاسبته والاطلاع على كل ما يخصه من تقارير مالية وفنية وكل شؤونه وسيكون لها صلاحية سحب الثقة من الاتحاد واعادة تشكيله وفق النظام الاساسي، وبهذا تكون الجمعية العمومية هي المرجعية الرئيسية لاتحاد كرة القدم ويكون للاتحاد وجمعيته الاستقلالية التامة في كل قراراته». مع العلم بان الجمعية حسب بيان الاتحاد السعودي على هامش اجتماع الاربعاء قبل الماضي أكد ان هناك مقترح تشكيلها يتكون أعضاؤها من كل من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد وأعضاء اللجنة التنفيذية (من دون حق التصويت) وممثل واحد لكل ناد بالدوري الممتاز بمجموع 14 عضواً وممثل واحد لكل ناد من أندية الدرجة الأولى بمجموع 16 عضواً وعدد ستة ممثلين لأندية الدرجة الثانية وعشرة ممثلين لأندية الدرجة الثالثة. وخمسة ممثلين لرابطة دوري المحترفين وثلاثة ممثلين عن اللاعبين المحترفين وممثلين اثنين عن اللاعبين الهواة.. والحكام والمدربون وثلاثة عن ذوي الخبرة مع تشكيل لجنة برئاسة عضو مجلس الإدارة احمد عيد وعضوية محمد النويصر وفيصل الخريجي وهويمل العجمي وعبدالله السهلي؛ لتحديد آلية اختيار ممثلي أندية الدرجة الثانية والثالثة وممثلين للاعبين المحترفين والهواة والحكام والمدربين الوطنيين في الجمعية العمومية، عن طريق الانتخاب وفقا لما ورد في النظام الأساسي للاتحاد، وعمل الإجراءات اللازمة لذلك يقتصر مدة عملها على انتهاء تشكيل الجمعية العمومية للاتحاد. دخلنا مرحلة المزيد من الغموض وهنا يعني ان الجمعية العمومية في طور الانشاء وبالتالي كيف ترفع لها الاستقالة؟ والاغرب من ذلك عندما يؤكد البعض انه من الممكن ان تقبل الجمعية او ترفض الاستقالة؟ وهنا ايضا تكون الرؤية الرياضة غير واضحة بل دخلت مرحلة الغموض. سؤال أخير لماذا لا يدعى الى انتخابات عاجلة لتشكيل مجلس ادارة جديد بدلا من المستقيل، وبالتالي استكمال الموسم باتحاد رسمي ومنتخب، خصوصا ان هناك مسابقات محلية ومشاركة اسيوية للاندية، ام ان ما حدث مجرد اجراء يهدف الى تجاوز الازمة بعد الهزيمة من استراليا، ومن ثم العودة الى الوضع القديم، واذا ما حدث ذلك فإن رياضتنا ستكون اشبه بالذي يدور في حلقة مفرغة، وهذا ما لا يريده رياضي غيور!!