استطاعت برامج النقاش والحوار التلفزيونية جذب الكثير من المشاهدين لمتابعتها والتفاعل مع مواضيعها.ويزداد الجذب كلما كانت المواضيع ساخنة وقريبة من مشاكل الناس.بل إن مواضيع النقاش فيها اصبحت من المحددات لمواضيع النقاش الاجتماعي داخل الاسرة او المؤسسات المختلفة . طبعا هذه من الفرضيات التي تستهوينا في الشق الاكاديمي من الدراسات ولكن ما احدثه برنامج الثامنة مع الصديق داود الشريان على قناة mbc من تفاعل اجتماعي اعطى للنقاش الاجتماعي نوعا من البهارات الكلامية خاصة للصوت النسائي بسبب الحضور الواضح في معظم حلقات البرنامج.ويمتد هذا التفاعل أحيانا الى داخل المنزل ,فزوجتي تقارن كثيرا بين احاديث الرجال واحاديث النساء في هذه البرامج وكأنها تريد هز قناعتي ببعض تلك الفرضيات الأكاديمية المسبقة والخاصة بتمكن المسؤول الرجل والمدعوم بالمكينة الاعلامية وجيش العلاقات العامة من الحضور وتقديم الدفاع المؤسسي حول موضوع الحلقة فإذا بالمرأة تقف له بالمرصاد.فالمرأة السعودية اثبتت شجاعة في هذه البرامج الجماهيرية وتحدثت عن بعض الامراض المؤسسية التي قادت الى وقوع بعض الظلم عليها.وهو ظلم مؤسسي متناقض مع طبيعة المجتمع دينيا وخلقيا وانسانيا ,فهذا المجتمع قائم على الكثير من تطبيقات اخلاقيات الهدي النبوي,مع بعض القصور او التناقض أحيانا بين ما نردده لفظيا، ونتقاعس عنه سلوكيا.ولعل من جماليات النقاش الرجالي/النسائي في تلك البرامج بروز اختلاف اتصالي بين خطاب المرأة وخطاب الرجل في التوظيف اللغوي للتعبير عن الذات .وهذا الاختلاف بين حديث المرأة والرجل سأتحدث عنه في مقال لاحق بإذن الله , ولكن ما يهمني هنا اليوم هو قدرة المرأة السعودية على اختراق دوامة الصمت الرجالية و صوت مرتفع لتعبر عن مظالم من سوء ادارة الرجل للخدمات المقدمة للمرأة. ولعل نظام الاحوال الشخصية إحداها وما يلحق بها من ظلم الزوج او المجتمع خاصة على المرأة المطلقة وما يتعلق بحقوقها في الحضانة لأطفالها والنفقة عليها وعليهم وربما حتى بحصولها على الهوية الذاتية لها ولهم .فقدرة المرأة السعودية على طرح وجهة نظرها من خلال تلك البرامج الحوارية شفت عن الضعف المؤسسي في الدفاع عن اخطاء تنظيمية كان من السهل تفاديها من خلال نظرة مستقبلية لدور المرأة ومكانتها ودور الاعلام التفاعلي في تأجيجها.ولقد استعرت مفردة من مفردات الخصوصية السعودية وهي لفظة"المغاتير"كتعبير عن تلك الكراسي المؤسسية التي تقاعست عن الحضور والمشاركة في شأن عام يهم المجتمع وليس لتلميع او تجريح المسؤول."فالمغاتير" لمن لا يعرف هي ممارسة نسائية سعودية بحيث تحضر من خلالها المرأة للمناسبات النسائية وهي في كامل حجابها أو نقابها بحيث ترى ولا تُرى.فبعض مؤسساتنا اثبتت الضعف في التأهيل الاعلامي لمسؤوليها وادارات العلاقات العامة فيها, والأهم هو وقف مسلسل التخوف من الظهور الاعلامي في شأن مجتمعي.ومن هنا اقدم تحية تقدير لسمو وزير التربية الامير فيصل بن عبدالله بن محمد على ظهوره الاعلامي والدفع بمنسوبي الوزارة للمشاركة بالتوضيح بالرغم من كثرة الشكوى من تراكمات الادارات التربوية وخاصة النسائية منها.وبالعودة الى تلك القدرة النسائية السعودية في طرح القضايا إلا اننا سنسمع الكثير من التصريح حول مشاكل الادارة النسائية لمواضيع المرأة.ولعل الحلقة الخاصة بالضمان الاجتماعي كسرت تلك القناعة حيث عبرت المشاركات بصوت مرتفع وفيه كثير من المرارة من التعامل الاداري النسائي مع حقوق المرأة بالتساوي مع الادارة الرجالية. فما لمسته في هذه الفترة هو ارتفاع وتيرة الصوت النسائي صداحا بحق ليثبت ان وراءه مطالب ,فارتفاع تلك الأصوات يعني ان الغطاء انكشف وستتعرى الكثير من الادارات النسائية في التربية والصحة والبنوك والجمارك وغيرها كثر من حيث تعامل المرأة مع المرأة اداريا.فشكوى المرأة من الادارات النسائية قد تبدو اكثر مرارة من شكواهن من الادارات الرجالية وإن غدا لناظره قريب. الشاعرة السعودية ملاك الخالدي ترى أن تمضي المرأة السعودية "في مشروع ذي جناحين ,الأول الوصول الى التشاركية الكاملة في بناء المجتمع والثاني تصحيح الصورة الذهنية لدى شريحة غير قليلة لدى بنات جنسها" واقول معها تصحيح الصورة عن الادارات النسائية للمواضيع النسائية..