لا عجب في أن تفشل حكومة باكستان في القبض على أسامة بن لادن فهي مشغولة حتى النخاع في التحرش واعتقال والآن اختطاف ضحية اغتصاب جماعي لأنها تجرأت على الاحتجاج وعزمت على زيارة الولاياتالمتحدة. في الخريف الماضي كتبت عن مختاران بيبي التي قضت محكمة قبلية في إقليم البنجاب في باكستان في يونيو 2002 بمعاقبة مختاران بيبي, وهي امرأة عمرها 30 عاماً, بالاغتصاب الجماعي. وكان هذا الحكم عقاباً على «علاقة غير مشروعة» لشقيقها الأصغر مع فتاة من قبيلة أخرى تُعد أعلى منزلة في السلم القبلي. وبينما بدأ نفرٌ من القبيلة ذات المكانة العالية يرقصون فرحاً، جرّد أربعةٌ من الرجال الفتاة من ملابسها وتناوبوا اغتصابها، ثم أرغموها على الذهاب إلى منزلها عاريةً تحت أنظار ثلاثمائةٍ من القرويين. كان واجب الآنسة مختاران واضحاً في المجتمع الباكستاني المحافظ المسلم: كان عليها أن تنتحر. تقول الآنسة مختاران البالغة ثلاثين عاماً من العمر الآن: «فكّرت في البداية أن أقتل نفسي مثل النساء الأخريات » ولم تتخذ الشرطة المحلية أي إجراء إلا بعد أن ذكر رجل دين محلي الواقعة ونشرها أحد الصحفيين. أما الآنسة مختاران، وبدلاً من أن تقتل نفسها، فقد شهدت ضد من اعتدوا عليها وطرحت الفكرة الصادمة القائلة بأن العار يلحق بالمُغتصِب لا بمن يتعرض للاغتصاب. وقد ادين ستة من الغاصبين وقدّم الرئيس برويز مشرف ما يعادل 8300 دولار أمريكي للآنسة مختاران وأمر بأن تحرسها الشرطة على مدار الساعة. واستخدمت مختاران، وهي التي لم تذهب إلى المدرسة يوماً، تلك النقود لبناء مدرسة للبنات وأخرى للصبيان في القرية؛ لأن التعليم، كما قالت، هو الطريق الأفضل لتحقيق التغيير الاجتماعي. وتمّت تسمية مدرسة البنات باسمها، وهي الآن طالبة في الصف الرابع من تلك المدرسة. تسأل مختاران: «لماذا أنفق تلك النقود على نفسي»، وتضيف: «بهذه الطريقة تساعد النقود كل البنات، بل الأطفال». ولم تكتف مختاران بذلك بل سمحت لأطفال غاصبيها بالالتحاق بالمدارس التي أنشأتها مظهرة تسامحها وعدم حقدها على أحد. لقد قام قارئو عمودي بإرسال أكثر من 133,000 دولار لمختاران التي استعانت بخبرات منظمة أمريكية في إدارة هذا المبلغ والقيام بتوسعة المدرستين والبدء في بناء مأوى للنساء الهاربات من سوء معاملة الازواج وشراء سيارة تستخدم كاسعاف للحالات الطارئة في المنطقة. وظهرت مختاران كمتحدثة ضارية ضد جرائم القتل التي ترتكب باسم الشرف وجرائم الاغتصاب والاعتداءات بماء النار ضد النساء. وقامت مجموعة من الأمريكيين الباكستان بدعوة الآنسة مختاران لزيارة الولاياتالمتحدة كان مفترض ان تبدأ السبت الماضي ولكن قبل ايام قلائل اصيبت الحكومة الباكستانية بحالة سعار وقامت يوم الخميس الماضي بوضع مختاران تحت الحبس المنزلي لمنعها من الحديث. وفي أحاديث هاتفية معها خلال الأيام القليلة الماضية قالت مختاران بأن الشرطة صوبت سلاحها نحوها عندما حاولت الخروج من منزلها. ولإسكاتها قامت الشرطة بفصل الحرارة عن هاتفها الثابت. وقالت أسماء جهانغير وهي محامية تترأس لجنة حقوق الإنسان في باكستان بأنها علمت بان الآنسة مختاران أخذت إلى إسلام آباد بعد تعنيفها بقسوة وأُعلمت ان برويز مشرف غاضب عليها بشدة. واقتيدت مختاران وهي تنتحب إلى الحجز في مكان سري وحظر عليها عدم الاتصال بأي أحد بما في ذلك محاميها. وأضافت جهانغير« إنها محتجزة عندهم بصورة غير قانونية.لقد أصيبوا بالجنون تماماً». حتى في حالة إطلاق سراحها فلن يكون بمقدور مختاران السفر حيث تم إخطار المطارات بعدم السماح لها بالمغادرة. وقالت صحيفة «الفجر» الباكستانية بان الحكومة لجأت إلى هذه الخطوة لخوفها من قيام الآنسة مختاران ب«تلطيخ صورة باكستان». عفواً، دعوني أقل بان الآنسة مختاران -رمز الشجاعة والإيثار- هي افضل أمل لصورة باكستان. التهديد لصورة باكستان يأتي من الرئيس برويز مشرف وسلوكه غير المقبول. حتى اللحظة أعتبر نفسي متعاطف مع برويز جزئياً لتعاونه في الحرب على الإرهاب وبسبب العمل الذي قام به نحو تحقيق النمو الاقتصادي في باكستان الذي يعتبر افضل سبيل لمحاربة التطرف رغم انه حرمني من تأشيرات دخول باكستان طوال هذا العام لمنعي من زيارة الآنسة مختاران مرة أخرى وكتابة عمود لاحق عنها. هكذا، ما رأيك ياسيادة الرئيس بوش في الطلب من الرئيس مشرف التركيز على العثور على ابن لادن بدلاً عن اختطاف ضحايا الارهاب الذين يجرؤون على الكلام؟ ودعوة الآنسة مختاران إلى المكتب البيضاوي لإظهار ان الأمريكيين لا يؤيدون فقط الجنرالات الذين يغتصبون السلطة ولكن ايضاً مع الأشخاص العاديين الذين يتمتعون بشجاعة غير عادية. ٭ (نيويورك تايمز)