أكد معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجه أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يعطي الثقافة جزءاً مهماً في برنامجه التنموي, مشيراً إلى أن المملكة تدرك دورها التاريخي ورسالتها الثقافية الحديثة, وأنها تمتاز في العالم كله بأن في أرضها مهد الرسالة الإسلامية، وفي أرضها نشأ الحرف العربي والثقافة العربية العريقة، مؤكداً أن المملكة تستشعر هذا الإرث الحضاري العظيم، لثقافةٍ هي من أعرق الثقافات القديمة في العالم. د. الدريس: إذا كانت السياسة تفرق والاقتصاد يلهي والعسكرة تدمر فالثقافة تجمع الشعوب وقال الوزير خوجه في كلمته لدى افتتاحه فعاليات الايام الثقافية السعودية في اليونسكو بمقر اليونسكو بباريس أن المملكة من الدول المؤسسة لميثاق منظمة اليونسكو سنة 1945م، أي بعد تأسيس البلاد بثلاث عشرة سنة فقط، وهذا يأتي تعبيرًا عن إدراك قادة المملكة لأهمية الثقافة والفنون والآداب في نهوض الأمم والدول، ومنذ ذلك الحين خطت المملكة خطوات مهمة في حقل التربية والتعليم والتنمية الثقافية والمحافظة على الآثار، مستشهداً معاليه بأحد أشهر المهرجانات الثقافية والتراثية في العالم العربي كله وهو مهرجان الجنادرية، الذي يهتم بالثقافة التقليدية لمجتمع المملكة، ويناقش كثيرًا من القضايا الثقافية والفكرية، في إطارٍ من التنوع والتعدد الذي تزخر به المملكة، لافتاً إلى أن هذا المهرجان الذي أسسه الملك عبدالله منذ ما يقرب من ثلاثة عقود يحظى باهتمام شعبي كبير، وأسهم في تطوير الحس الثقافي في كافة فئات المجتمعِ. وأعرب معاليه عن سعادته بحضور هذه المناسبة في اليونسكو موضحاً أن هذه المنظمة صمدت وثبتت في خضم هذا العالم الذي يزداد علماً، ويزداد تقدماً، ولكنه، وهذا مؤسف، يمعن في توحشه، وبدل أن يهذب العلم السلوك الإنساني ويرتقي به، إذا بالحضارة الحديثة تصبح أكثر وحشية، وأكثر قساوة، ولذلك نستعيذ بالثقافة، نبحث في شعر الشعراء، وفي إنسانية الفلاسفة، ونحت النحاتين عن إنسان تاه منا، وأمضينا دهرًا طويلاً ونحن نفتش عنه، ولا بد أن نجده حتى لو غاب، هكذا هي الثقافة وهكذا هو الفن، وهذه رِسالة الفن والثقافة والأدب، مهما اختلفت الأعراق والألسنة والبلدان. د. خوجه يطلع على عدد من الصور بالمعرض بلادنا تشهد حركة ثقافية نشطة تعبر عن مجتمع «تعددي» والثقافة سبيلنا للسلام وأضاف: "الإنسانُ هو الإنسانُ تختلفُ لغتُهُ، وتَبْعُدُ أرضُهُ، ولكنَّه يَشْرِكُ إخوتَهُ في الإنسانيَّةِ، مهما نأتِ الأمكنةُ، في آمالِهِ وأشواقِهِ، وفي تَوْقِهِ الأبديِّ إلى تلك اللُّغةِ الأولَى، لغةِ الفنِّ والرُّوحِ". وقال د. خوجه في كلمته: "أنا أنتمي إلى حضارةٍ جامعةٍ هي الحضارةُ العربيَّةُ الإسلاميَّةُ، وهي حضارةٌ منفتِحَةٌ على الآخَرِ، ليس بينها وبينه حُدُود أوْ سُدودٌ". مؤكداً: "أن في المملكة اليومَ حركةٌ ثقافيَّةٌ نشِطةٌ تُعَبِّرُ عنْ مجتمعٍ تعدُّدِيٍّ يحتفلُ أبناؤهُ بإنتاجِ الأدبِ والثَّقافةِ، وأصبحَ معرضُ الكتابِ الدَّوليُّ الذي يُقامُ في الرِّياضِ سنويًّا، كرنفالًا ثقافيًّا مهمَّا، وفُرْصَةً عظيمةً لاطِّلاعِ المواطنينَ السّعوديِّينَ على التُّراثِ الإنسانيِّ، ومناسبةً طيِّبةً لعرْضِ الإنتاجِ الفِكْرِيّ لأدبائِنا ومثقَّفينا، ويعكسُ النُّمُوَّ المطردَ للإنتاجِ الأدبيِّ والفِكْرِيِّ كمَّا وكيفًا"، مشدداً على ان الثَّقافةُ هي سبيلُنا إلى السَّلامِ، ولا سَبِيلَ إليها إلا بالحوارِ، فليسَ للبشريَّةِ مِنْ ملجأٍ اليومَ إلا بإشاعةِ رُوحِ الحوارِ والسَّلامِ بينَ الأُمَمِ والشّعوبِ والثَّقافاتِ، وهو ما تدعو إليهِ الأديانُ، وتنادي به الفلسفاتُ الإنسانيَّةُ التي دعا إليها الفلاسفةُ والمصلحون، مشيرا في هذاالصدد بالشَّراكةِ التي تمَّتْ بين المملكةِ ومنظَّمةِ اليونسكو العامَ الماضي 2011، بتأسيسِ (برنامج عبدالله بن عبدالعزيز لتعزيزِ ثقافةِ السَّلامِ والحوار). بدورها أعربت مديرة منظمة اليونسكو إرينا بوكوفا عن شكرها وتقديرها للمملكة لدعمها المالي السخي لصون التراث الإسلامي مؤكدة أن الأيام الثقافية السعودية تكتسي أهمية بالغة جداً وفرصة للنظر في روائع ثقافة عريقة. وكشفت بوكوفا خلال كلمتها في الحفل أنها ستزور المملكة الأسبوع المقبل لافتة إلى أن الأيام الثقافية السعودية أعطتها لمحة قبل هذه الزيارة منوهة بالتزام السعودية العميق في مجال صون التراث والمصادقة على اتفاقيات اليونسكو. جانب من العروض الفنية على مسرح اليونسكو بوكوفا تؤكد الأهمية البالغة للأيام السعودية في التعريف بروائع ثقافة عريقة من جهته أكد المندوب الدائم للمملكة لدى اليونسكو الدكتور زياد الدريس أن المملكة كانت واحدة من الدول القلائل المؤسسة لمنظمة اليونسكو، عام 1946م، ولذا فهي ليست غريبة أو طارئة في مجيئها اليوم إلى المنظمة واتخاذها المكان الذي يليق بها ليس بوصفها دولة مؤسسة فقط، بل ودولة مؤثرة في العالم. وأضاف أن تنظيم (أيام سعودية في اليونسكو) متأخر شيئاً قليلاً "لكن لا بأس"، فأجمل ما في الثقافة والفنون أنها وإن وصلت متأخرة، إلا أنها ستجد الناس في انتظارها وستفعل مفعولها. وقال الدريس: "إذا كانت السياسة تُفرّق والاقتصاد يُلهي والعسكرة تدمّر.. فإن الثقافة هي التي تجمع الناس والشعوب. لا يغيب عن الذهن أن الثقافة تفرّق وتقتل أحياناََ، لكنها هي وحدها التي تنشر السلام بين الشعوب إذا اشتغلت وأشغلت بفكرة "الأصل الواحد" للبشر والأخوة الإنسانية، ولطالما رددنا أن الثقافة هي جسرنا الأقوى والأكثر متانة نحو السلام الذي لن أقول نبحث عنه، بل ننبش عنه في عالمنا المحتقن اليوم". وأوضح في كلمته أن الثقافة هي الغرفة الافتراضية التي يلتقي فيها الناس ليكتشفوا، مجدداً ودوماً، مصدرهم الواحد ومصيرهم المتوحد. وليجددوا فيها ثقتهم ببعضهم وبأهدافهم المشتركة والنبيلة. هذا وكان وزيرالثقافة ترافقه مديرة اليونسكو قد افتتح المعارض السعودية المشاركة وتجول على الأجنحة المصاحبة واستمع لشرح عنها، كما أقيمت خلال فعاليات اليوم الأول العديد من العروض الفنية الشعبية التي لاقت إقبالاً وإعجاباً كبيراً من الحضور الذي امتلأت به قاعه اليونسكو. هذا وانطلقت أمس الندوات المصاحبة للفعاليات بمشاركة عدد من المختصين من الرجال والنساء كما يستقبل المعرض زواره يومياً من العاشرة صباحاً حتى الثامنة مساء.