أسلوب الاستعمار القديم لأفريقيا أن يهتم بمواقع الحديد والنحاس، ويضمن عمالة ويقوم بتسوير مناطق إدارته وسكنه ونواديه الرياضية والترفيهية وأسواقه المركزية ومراكز تعليم أبنائه. ورأيناه لا يلتفت إلى مناطق أخرى بعيدة،، ولا إلى نظام الحكم وتسيير حياة الناس، وكيف تمشى. منذ أن بدأنا ندرس علم الجغرافيا في الابتدائية ونحن نقرأ أن قارة أفريقيا غنية بمواردها من أنهار وزراعة وثروة حيوانية ونحاس وذهب وفلزات ومعادن. إلا أننا نرى الآن وعبر محطات الإرسال الفضائي أقواماً ذوي هياكل نحيلة، وجوعاً وفقراً وسوء تغذية وأمراضاً فتاكة. حتى إن المحسنين من أصحاب الجمعيات الخيرية يحفرون لهم آباراً للشرب. ونرى في الجانب الآخر من العالم الغربي جسوراً تعبر خلجاناً، وممرات تحت الماء، وبحوثاً تظهر بين حين وآخر عن كيفية التعامل مع الحيوانات الأليفة. وفي إحدى قرى انجلترا رأينا مستشفى للحيوانات الأليفة. وفنادق (خمس نجوم) لرعاية وكفالة الكلب أو القطة أو الببغاء، والوصاية عليها في غياب أصحابها في إجازاتهم السنوية. والمتتبع لأخبار السياسة يجد أن الثماني الكبار يبدأون ويختتمون مؤتمراتهم الدورية بالتعهد المقرون بالإلزام والفرض والواجب بمساعدة افريقيا وانتشال ما تبقى من هياكل سكانها من الفقر والجوع والأوبئة. لكن تلك القرارات تتبعثر وتتبدد ثم تتلاشى. ثم نجد أن أكثر العون يذهب إلى الأنظمة..! من أجل نشر وبسط الديمقراطية..! وحقوق الإنسان..! أعتقد.. وهو مجرد اعتقاد، أن الممارسات السيئة والتي تكاد تتركز في الأفارقة، لم تأت إلاّ من عظم العَوز وتفاقم الحاجة. فالسجون والزنزانات أطيب منزل. أو هي السكينة والرفاهية. هل تذكرون مؤتمرا اقتصاديا عقدته الدول الغنية دون أن يذكر وجوب مساعدة البطون الجائعة في القارة الأفريقية؟. كلها في البيانات المشتركة فقط. فإذا انطلقت الدول الثماني في قمة، بحضور عدد من قادة الدول الأفريقية الذين ذكّروا بوعود سابقة لم تتحقق، وفي مقدمتها وعود بمساعدات بمليارات الدولارات لم يصل منها سوى نسب بسيطة مُتقطعة. ثم يجتمع قادة الثماني لمناقشة المساعدات التي "يمكن تقديمها" لكن مناقشة ارتفاع أسعار النفط تأخذ كل الوقت وتسبق نقص الغذاء.