أطلق الأمير تركي بن خالد بن فيصل رئيس مجلس إدارة صحيفة "شمس"صيحة تدبر مستقبلي لصناعة الاعلام السعودي. وهي خلاصة تجربة ميدانية يصعب اغفالها خاصة بعد توقف و"استراحة المحارب"لصحيفة "شمس" وعودتها المرتقبة بثوب رقمي او ورقي جديد. ويكشف الامير تركى في صيحته عن بعض العيوب في"مجتمعنا الاعلامي"وفي صناعة الاعلام السعودية. ومن اهم تلك العيوب أو الثقوب ,هو تحكم غير السعودي في مصير وسائل الاعلام السعودية عن طريق الاعلان.ولذلك دعا الى وقفة تدبر تعيد التوازن الوطني لصناعة الاعلان التي تستهدف المجتمع والسوق السعودي,ويدعو الأمير الى ضرورة ان يكون للسعودي دور في تلك الصناعة من حيث التخطيط والدراسات والتسويق والاداء...الخ في منظومة الصناعة الاعلانية.فدعوة الامير لا تعني الاستغناء عن غير السعودي وإنما يكون لنا دور تكاملي ومتواز مع غير السعودي.ففي البدايات كانت الصناعة حكرا على جنسيات محددة لتميزها الابداعي والتسويقي وعلى رأسها الجنسية اللبنانية والبريطانية .ومع التوسع في الوسائل الاعلامية الوطنية والقوة الشرائية فيها , دخلت جنسيات اخرى للسوق الاعلانية السعودية ولكن من البوابات المحلية والخليجية والدولية.وتكونت مجموعات ضخمة ذات قدرة شرائية للمساحات والوقت الاعلاني في الوسائل.شجعت هذه القدرة الشركات الاعلانية على تكوين سلة ضخمة من الماركات العالمية التي مكنتها من التحكم في الوسائل وميزانيات المؤسسات الاعلامية.كما أن دخول جنسيات مختلفة الى الساحة المحلية لم يضف جديدا للسوق وانما اضعف قدرة المنافسة للعنصر الوطني ,كما ساهم في تفتيت وإضعاف قدرة الوسائل الاعلامية على المنافسة في الاسعار وجعل الشركات تتجه لبناء ودعم وسائل اعلانية مباشرة كإعلانات الطرق والجسور والنشرات التسويقية.فالخسارة اصبحت مضاعفة في السوق السعودية من حيث غياب التوطين المباشر في صناعة الاعلان او التوطين غير المباشر في وسائل الاعلام كما حدث مع "شمس", التي اغلقت بسبب الخذلان الاعلاني ضمن جملة من الاسباب الاخرى.ظهر حديث الامير تركي على شاشة التلفزيون السعودي ضمن برنامج أضواء في الوقت الذي كانت تظهر على الشاشة وفي شريط اخباري اعلانات من التلفزيون السعودي يدعو فيها الراغبين في الاعلان على قنوات التلفزيون السعودي ان يتم ذلك بشكل مباشر مع ادارة الاعلانات. وهنا لابد من وقفة مع هذا الثقب الجديد في ثوبنا الاعلامي الذي اصبح معالجة لموضوع مزمن ودون تعاون مؤسسي يقدم رؤية توطين لهذه الصناعة.اعتقد بأن تحذير الامير تركي والذي ربط فيه مصير وسائل الاعلام السعودي من خلال التحكم الاعلاني هو رأس لجبل جليد يمكن ان يهدد صناعة الاعلام السعودي بشكل كبير.فهو يحذر بلغة علمية ومهنية إن اردنا ان تكون صناعتنا الاعلامية هي المستفيد الاول من ميزانيات الاعلان في سوقنا فيجب ان يكون هناك تحرك جماعي ومؤسسي لحماية مؤسساتنا الاعلامية.فوسائل الاعلام المحلية ليست ترفا وانما هي مؤسسات ثقة وبيوت خبرة معلوماتية وجدت من اجل أن تصل الى المواطن بالمعلومة الدقيقة والموثوق بمصادرها.كما ان التوسع الافقي في وسائلنا يتطلب الكثير من التعاون مع مؤسسات بناء الكوادر وتأهيلها والقبول بتوظيفها مبكرا.واهم نقطة يجب ان نخلص منها هي محاربة العنصر الوطني بحجة عدم الكفاءة وكأن من يدير مؤسساتنا الاعلامية"مقطوع سرهم"في استوديوهات هوليوود او بيربانك او في الفليت ستريت سابقا. ببساطة السوق السعودي جاذب للمعلن والمسوق ولكننا لم نعرف قيمة وسائلنا الاعلامية فنراها تقتل امام اعيننا اعلانيا ولعل "صحف "الندوة" و"البلاد" ومعهما "شمس" وقبلهما "الرياض ديلي" و"المسائية" المجلات عموما تحكي قصة اغفالنا لتلك الصيحة التي يطلقها الامير تركي. اتمنى ان تسند اليه مسؤولية تأسيس صناعة اعلانية تخدم الوسائل المحلية وتحديدا التلفزيون السعودي قبل ان "تفرط السبحة".