وصل أمس الأحد إلى العاصمة الجزائر رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبدالجليل في زيارة رسمية تدوم يومين هي الأولى لمسؤول ليبي رفيع منذ سقوط نظام معمر القذافي في أغسطس 2011 تتوّج سلسلة من الزيارات المتبادلة لوزراء البلدين خلال الفترة الأخيرة مهدّت للقاء بوتفليقة و عبدالجليل الذي غاب الجمعة عن مراسيم تشييع جنازة أول رئيس للجزائر المستقلة أحمد بن بلّة لكنه كان قد التقى لمرتين اثنتين الرئيس بوتفليقة في كل من تونس و الدوحة . و فيما لم يذكر بيان صادر عن رئاسة الجمهورية نشرته وكالة الأبناء الجزائرية فحوى برنامج الزيارة مكتفيا بالإشارة أن الأخيرة "ستكون مناسبة للتشاور حول التطورات التي تشهدها المنطقة على ضوء الأحداث الأخيرة وما تفرضه من تحديات"، فإن مراقبين لا يستبعدون أن يحتل موضوع الأمن الحدودي بين الجارتين و إقامة أفراد عائلة القذافي في الجزائر صلب المحادثات التي لم يتسرب منها شيء للصحافة . و يرى الخبير الجزائري في العلاقات الدولية الدكتور ساحل مخلوف في اتصال أمس مع " الرياض " أن زيارة عبد الجليل " رأس السلطات الجديدة " في ليبيا هي " مهمة على أكثر من صعيد " و تندرج في مسار " إعادة بناء " العلاقات بين البلدين على ضوء ممارسات سياسية مغايرة لما كان موجودا في السابق . و حسب الباحث في المركز الجزائري للدراسات الإستراتيجية و الأمنية فإن البعد الأمني للزيارة " تصدر جميع الصعد " . ويعتقد ساحل مخلوف أن بروز النزاعات ذات البعد القبلي ، و انتشار الأسلحة التي تبقى بعيدة عن المراقبة ، و تنامي شبكات الاتجار غير الشرعي بالسلاح و المخدرات المتحالفة مع التنظيمات الإٍرهابية "تفرض تنسيقا أمنيا إقليميا " لمواجهة التحديات الأمنية الناتجة عن الأوضاع الخطيرة في منطقة الساحل . و تأتي زيارة مصطفى عبد الجليل إلى الجزائر بعد حالة من الشد و الجدب طبعت العلاقات بين الجارتين على خلفية اتهام الثوار الليبيين الجزائر بإرسال ميليشيات للقتال إلى جانب قوات القذافي و تأخر الأخيرة في الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي و التزامها الحياد إلى حين مقتل القذافي فضلا عن الإحراج الكبير الذي صارت تسببه عائشة القذافي للجزائر تجاه السلطة المركزية الجديدة في ليبيا عبر خرجاتها الإعلامية المتكررة التي تدعو فيها إلى التمرد و الثأر لمقتل والدها رغم استنكار الخارجية الجزائرية لما أسمته " خرق قواعد الضيافة " . كما تأتي و مخاوف تثير قلق مراقبين جزائريين بشأن ما يمكن تسميته ب " سلامة وطنية ملّغمة " عبر حدود الجزائر مع ليبيا التي تشهد اضطرابات و دعوات للتقسيم فضلا عن انتشار الأسلحة المهربة من ثكناتها ووصولها إلى أيدي جماعات الموت بالجزائر ، و عبر حدودها مع تونس التي تشهد تململا داخليا بعد وصول الإسلاميين للحكم ، و عبر حدودها مع مالي المشتعلة بعد انقلاب العسكر على حكم أمادو توماني توري و سيطرة متمردو الطوارق على أهم مدن مالي الإستراتيجية بالتحالف مع عناصر القاعدة بمنطقة الساحل الذين سيستفيدون من الوضع في مالي عبر صفقات تمكنّهم من اقتناء المزيد من الأسلحة .