تصرف الدول مبالغ مالية كبيرة من أجل أهداف إعلامية تنقل للعالم صورة هذه الدول وسماتها الحضارية ومعالمها، وتاريخها وثقافتها، وإنجازاتها. المملكة العربية السعودية أولت هذا الجانب العناية التي يستحقها وتواجدت في المحافل ومن خلال المعارض والمنتديات حتى أصبحت السعودية موقعاً مضيئاً في خريطة العالم. وحيث أن الزمن لا يتوقف، وحركة التغيير سريعة جداً فقد ارتفعت المتطلبات الإعلامية، وارتفعت تكاليفها المالية خاصة مع ضغط الأحداث السياسية ذات الوتيرة السريعة المقلقة التي تخدمنا أحياناً وتسير في غير صالحنا أحياناً أخرى، وهناك من يمتهن البحث عن الفرص لينقض مهاجماً ومسيئاً لهذا البلد. الرياضة أصبحت تقوم بدور بالغ الأهمية في هذا المجال. وقد كان لها دور في تنمية العلاقات السياسية بين أمريكا والصين. إن الرياضة الآن ليست مجرد لعبة فردية، أو جماعية لكنها أشمل من ذلك وأهم، وهي ليست مجرد جسر للعلاقات السياسية والثقافية، ولكنها تفاعل حضاري اجتماعي، ونشاط إنساني يعبِّر عن روح الفرد وروح الجماعة، وهي أحد المفاتيح المهمة للتعرف على المجتمعات، وأحد المؤشرات التي تعبِّر عن موقع الدول من حيث الأهمية ومستوى تقدمها في كافة المجالات. من هذه الزاوية الحضارية يجب أن ننظر إلى تأهل منتخب المملكة للمرة الرابعة على التوالي إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي ستقام في صيف العام القادم 2006م. إن منتخب المملكة لكرة القدم ومن خلفه إدارته الناجحة ممثلة بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، هؤلاء الآن هم سفراء الوطن ليس في المجال الرياضي فقط ولكن في كافة المجالات. هم السفراء بكل جدارة، وقد توصلوا إلى هذه المرتبة المشرفة بعد جهد وتخطيط فحققوا النجاح فنالوا درجة السفير، فأصبحت مسؤولياتهم القادمة أصعب وأهم. وتكمن هذه الصعوبة في أن الدور المطلوب الان، وأقصد من لحظة التأهل وحتى إقامة النهائيات، لا يقتصر على المنافسة الميدانية داخل الملعب بين اللاعبين ولكن الدور المطلوب الآن أو المسؤولية الكبيرة هي تمثيل الوطن، ونقل الوطن إلى هناك، وتعريف العالم ليس باسم الوطن وموقعه، فهذه معلومات لا أحد يجهلها، وإنما التعريف بالشخصية السعودية على حقيقتها، وتواجد الإنسان السعودي بتاريخه وحضارته، وثقافته، وسلوكياته، وإنجازاته. إنها فرصة للتواجد بشكل متميز ومختلف عن المشاركات السابقة، وبشكل فيه إبداع، يخرج عن الأساليب التقليدية التي مل منها الناس. الحضور السعودي هذه المرة هو حضور ثقافي وإعلامي واقتصادي وسياسي. حضور شامل يغطي كافة جوانب الأنشطة الإنسانية. إن سفير الوطن (منتخب المملكة لكرة القدم) لكي يحقق هذا الحضور، ولكي يقوم بدور السفير الثقافي بشكل ناجح مثلما قام بدوره الرياضي بشكل متميز لن يستطع القيام بهذه المسؤولية بدون دعم قوي، فهذا السفير لن يذهب إلى هناك ليلعب الكرة فقط ولكن ليرفع علم الوطن، ويقدم للعالم الصورة الحقيقية للمواطن السعودي، وما حققه الوطن في المجالات العلمية والإنسانية والتنموية بشكل عام. [email protected]