«صعوبات التعلّم» مصطلح يطلق على التلاميذ -ذكوراً وإناثاً- ممن يعانون من اضطرابات غير متشابهة تظهر على شكل صعوبة في اكتساب واستخدام مهارات التحدث أو الإصغاء، أو القراءة، أو الكتابة، أو العمليات الحسابية، أو الاستنتاجية؛ نتيجةً لاضطرابات في العمليات النفسية الأساسية، وليس بسبب إعاقة بصرية، أو سمعية، أو انفعالية، أو ظروف أسرية، أو اقتصادية، أو تعليمية غير مناسبة، إلاّ أن «صعوبات التعلم» قد تحدث متلازمة مع تلك الإعاقات والظروف لكنها ليست سبباً فيها. اضطرابات مستترة تُعدُّ صعوبات التعلم اضطرابات مستترة وخفية، حيث يبدو الطالب طبيعياً في كل شيء؛ كونها غير واضحة للعيان مثل الإعاقات الأخرى كالعقلية والبصرية والسمعية والجسمية والحركية وغيرها، إلاّ أنها تحد من تقدم صاحبها في الدراسة، ويصبح غير قادر على اكتساب المهارات اللغوية أو الإدراكية البصرية أو التعلم بطريقة عادية مثل زملائه في الفصل. مطالب بتطوير «غرف المصادر» و تأهيل المعلمين والمعلمات وتوفير اختبارات تشخيص مقننة ويتضح الفرق بين قدرات التلميذ العقلية والتحصيل الأكاديمي المطلوب منه، أو المفترض الوصول إليه بناءً على قدراته العقلية الذهنية، ويظهر عليه بعض من الخصائص والصفات عن غيره من الطلاب العاديين، ويأتي أبرزها الضعف الأكاديمي في مادة القراءة أو الكتابة أو الرياضيات، أو صعوبة في إحدى تلك المواد كحذف بعض الحروف والأرقام أو إضافتها أو عكسها أو الخلط في كتابتها، إلى جانب ظهور تشتت كبير في الانتباه ونشاط زائد، وصعوبة في تذّكُر الواجبات ومتطلبات الحياة، إضافة إلى عدم القدرة على التفكير المُنظم مثل التخطيط والترتيب في الحياة، وظهور مشاكل في بعض المهارات الاجتماعية، والاندفاع والتهور والانفعالية وغير ذلك. تجهيز فصول مصادر التعلم ينعكس إيجاباً على الطلاب ويمكن أن يتصف الطفل المتعرض لصعوبات تعلم ببعض تلك الخصائص وليس جمعيها، كما يُقدّر العلماء نسبة الطلاب والطالبات الذين لديهم صعوبات في التعلم بنسبة (7%) من بين خمسة ملايين طالب وطالبة على مستوى مدارس المملكة، أي 350 ألف طالب وطالبة -كما هو موثّق علمياً- كما توضح الإحصاءات أنها من أكثر الإعاقات انتشاراً حيث تشكل 51% من بين الإعاقات الأخرى كالإعاقة البصرية والسمعية والفكرية وغيرها. صالح المعدي وترجع أسباب الإصابة بصعوبات التعلّم إلى عدة عوامل أهمها العوامل العضوية والبيولوجية التي تعني التلف في عصب الخلايا الدماغية، والعوامل الجينية والعوامل البيئية، وتعد الأخيرة من العوامل المساعدة في أسباب صعوبات التعلّم، وتتمثل في نقص الخبرات التعليمية، وسوء التغذية، أو سوء الحالة الطبية، أو قلّة التدريب، إضافةً إلى نقص الخبرات البيئية والحرمان من المثيرات البيئية المناسبة. عبدالله المقحم صعوبة اكتشاف في البداية، كشف «أحمد مجرشي» -متخصص في صعوبات التعلم- عن صعوبة اكتشاف الطلاب والطالبات المتعرضين لصعوبات تعلم منذ الوهلة الأولى؛ لكونهم يتمتعون بقدرات عقلية واجتماعية عادية، منوهاً إلى أن الآلية المتبعة في التعرف عليهم بدءاً من مراحل الإحالة، وهي البداية الرسمية لطلب الحصول على خدمات برنامج صعوبات التعلم الملحقة في المدارس العادية وتكون عن طريق معلم الصف أو المرشد الطلابي، أو ولي أمر التلميذ، أو حتى التلميذ نفسه، ثم يتم بعدها مرحلة جمع المعلومات؛ للتأكد من وجود صعوبات التعلم، وأهلية التلميذ لتلقي خدمات برنامج صعوبات التعلم. عبدالعزيز البدر وقال إن أبرز إجراءات معرفة أولئك الطلاب والطالبات هو الرجوع إلى ملفات التلاميذ وتتبع درجاتهم في المادة ذات الصعوبة، والمواد بشكل عام، والحالة الصحية والاجتماعية والنفسية، أو أي ورقة قد تفيد عن الحالة، كتقارير المعلمين وملاحظاتهم للأعوام السابقة، وكذلك الاجتماع مع فريق متعدد التخصصات مثل معلم الصف، والمرشد الطلابي، وولي أمر التلميذ، والأخصائي النفسي والاجتماعي، وجمع تفاصيل عن الحالة، والمحاولات العلاجية الخاضعة لها قبل الإحالة، مدعوماً بالمستندات المُثبتة لذلك، ويأتي بعدها مرحلة «التشخيص»، حيث تتم في غرفة مصادر برنامج صعوبات التعلم بشكل فردي، وتقدم مجموعة من الاختبارات التشخيصية والأكاديمية بحسب صف التلميذ نزولاً للمستويات الأدنى، وبحسب مادة الصعوبة (القراءة، الكتابة، الرياضيات)، وعادة ما تكون في عدة جلسات خلال أيام متفرقة، إضافة إلى إجراء اختبارات نمائية لقياس الذاكرة والانتباه والإدارك، ويتم بعدها تحليل أنماط الأخطاء لدى التلميذ لتحديد نقاط القوة والاحتياج لدى المصاب في الجانب الأكاديمي والاجتماعي والنفسي، وعلى ضوئها يتم إعداد خطة تربوية فردية خاص له في البرنامج. مشاري التميمي خطة تربوية وأشار «عبدالعزيز إبراهيم البدر» -متخصص في صعوبات التعلم- إلى أن الخطة التربوية الفردية تشمل عددا من الأهداف بعيدة وقصيرة المدى، ويتم وضعها وفقاً لتسلسل المهارات التدريسية المفقودة بحيث تُلبي الاحتياجات التربوية المختلفة للتلاميذ، مؤكداً على أنها تتميز بمرونتها؛ كونها قابلة للتعديل في أي وقت من خلال التشخيص التدريسي المستمر، باختصار للوقت والجهد المبذول من قبل معلّم صعوبات التعلم. وأضاف أن عملية تعليم طلاب وطالبات صعوبات التعلّم تتم وفقاً لخطوات متدرجة، تبدأ بمراجعة الدرس السابق، والتمهيد للدرس الجديد، ثم يبدأ المعلم تعليم المهارة الجديدة مستخدماً الوسائل التعليمية المتنوعة، متخذاً إستراتيجية تدريسية مختلفة في ظل متابعة التلميذ له، بحيث يشارك التلميذ معلّمه في أداء المهارة حتى يتقنها باستقلالية، مشدداً على أهمية تدريسهم في غرفة مصادر مجهزة بالوسائل والتقنيات التعليمية المتنوعة، كاللوحات التعريفية، والرسومات الحائطية، وبطاقات الأرقام والأعداد، وجهاز الحاسب الآلي وغيرها، مطالباً بتنويع الاستراتيجيات التدريسية المستخدمة لإيصال المعلومات وفق خطوات بسيطة، كإستراتيجية طريقة الشبكة لمسائل الرياضيات، وطريقة الأصابع للجمع والطرح، وإستراتيجية الربط الحسي، وإستراتيجية الترديد اللفظي، وتحليل المهمة، حيث تسهم تنوع الوسائل والاستراتيجيات في جذب انتباه التلاميذ، وزيادة دافعيتهم للتعلم؛ لتحقيق الأهداف التدريسية المأمولة. أحمد مجرشي تأهيل متخصص واقترح « عبدالله إبراهيم المقحم» -مشرف على برامج صعوبات التعلم بشقراء- تأهيل معلمين ومعلمات أكاديمياً؛ ليكونوا متخصصين في اكتشاف حالات صعوبات التعلم، وتُمكنّهم من إعداد الخطة التربوية الفردية بدقة، بمشاركة الجهات ذات العلاقة، بحيث يبدأ العمل بحسب الأهداف المرسومة، وفي الوقت المحدد، إضافة إلى دعم البيئة التربوية لبرامج صعوبات التعلم من التجهيزات الأساسية والكمالية للبرنامج، كأجهزة الحاسب الآلي وأجهزة العرض والطابعات والوسائل التعليمية. وانتقد ضعف التوعية ببرنامج صعوبات التعلم قائلاً:»لم نصل إلى الدرجة التي يعرف عندها الطالب وأفراد أسرته والمجتمع أهداف برامج صعوبات التعلم، والخدمات المقدمة من خلالها للقضاء على الصعوبة المعترضة طلاب صعوبات التعلم ويتمكن من تقبل مشكلته ويلم باحتياجاتها، وعندما نصل لهذه المرحلة فإننا سنحل إشكالية رفض قبول الطالب في برنامج صعوبات التعلم من قبل عدد من أولياء الأمور، ويثمر عن ذلك تعاون الأسرة مع ابنهم في القضاء على صعوبة التعلم». اختلاف تشخيص وعدّد «مشاري عبدالله التميمي» -معلم متخصص في صعوبات التعلم- أبرز المعوقات أمام معلمي طلاب صعوبات التعلم، وأهمها عدم تقنين الاختبارات التشخيصية المطبقة على طلاب صعوبات التعلم وتوحيدها؛ حيث تسبب ذلك في اختلاف بين معلمي صعوبات التعلم وبين مشرفيهم تجاه آلية التشخيص، إضافة إلى عدم تهيئة الجو العام في المدرسة لمعلم صعوبات التعلم بتوفير جميع الاحتياجات والمتطلبات المتعلقة بعمله، وقلّة الدورات التدريبية المساهمة في تحسين ورفع مستوى معلمي صعوبات التعلم وتبادل الخبرات فيما بينهم؛ لمواكبة عملية التقدم السريع في مجال التعليم. كما طالب بإعادة النظر في الأنظمة واللوائح المتعلقة بمهام العاملين في ميدان صعوبات التعلم لكثرة الأعباء المطالبين بها، كإجراء عملية المسح، وتطبيق الاختبارات التشخيصية، وإعداد الخطة التربوية الفردية لكل تلميذ، إلى جانب عمل الأنشطة والزيارات الأكاديمية والترفيهية الخارجية، مقترحاً توفير «مساعد معلم» في البرنامج؛ لتقليل متطلبات العمل، والتوسع في استحداث برامج صعوبات التعلم، لتشمل جميع مدارس المرحلة الابتدائية البنين والبنات في المملكة؛ لخدمة أكبر عدد من مستحقي الخدمة، مشدداً على ضرورة افتتاح برامج لطلاب صعوبات التعلم في المرحلتين المتوسطة والثانوية، دون إهمالهم وإقتصار الاهتمام بهم في المرحلة الابتدائية. برامج عديدة وذكر «صالح المعدي» -مدير إدارة صعوبات التعلم في الإدارة العامة للتربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم- أن إدارة صعوبات التعلم تم استحداثها عام 1416ه، حيث تم تطوير برامج صعوبات التعلم وإعداد اللوائح والأنظمة الخاصة بالبرامج والإشراف الفني عليها، وإعداد ميزانية لها، وحصر الاحتياج من المعلمين، إضافة إلى تقويم البرامج و تحليل النتائج والتنسيق، والمشاركة في تدريب معلمي صعوبات التعلم، وكذلك المساهمة بترشيح مبتعثين في التخصص. وأشار إلى أنه تم التوسع في برامج ذوي صعوبات التعلم في المرحلة الابتدائية بجميع مناطق ومحافظات المملكة، حتى بلغ عدد البرامج أكثر من 1200 برنامج يعمل بها 1364 معلماً متخصصاً، في حين بلغ عدد المستفيدين من تلك البرامج أكثر من 19900 طالب، منوهاً أنه تأمين عدد 500 غرفة مصادر بالمستلزمات التجهيزية الخاصة ببرامج صعوبات التعلم. وكشف عن خطة تضمنتها خطة «إدارة صعوبات التعلم» وتتركز على تطوير برامج صعوبات التعلم في المرحلة المتوسطة والثانوية من خلال عدد من الخطوات الإجرائية، من خلال تطوير لائحة عمل برامج صعوبات التعلم في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وإعداد اختبارات غير رسمية مبنية على المناهج الحديثة لتشخيص حالات صعوبات التعلم في المرحلة الابتدائية، والبدء في تنفيذ المرحلة الأولى من البرنامج الالكتروني لصعوبات التعلم.