في أقدم حارة هي حارة المظلوم بجدة ولد هذا الشهم من أدباء وصحافيي الحجاز الأغر سنة 1338ه ، وتعلم ودرس بمدارس الفلاح فيه.. تتلمذ على أيدي الأساتذة حسين مطر وعبدالوهاب نشار وعمر حفني، ومحمود عارف. لكن الفتى تعلق بالصحافة منذ صغره، وأصدر في المدرسة مجلة باسم «تحفتي» شارك فيها كثيرون من زملائه. بدأ النشر الصحفي مبكراً حيث شارك في جريدة صوت الحجاز والرائد، وعشق الأدب رغم انشغاله التام بالوظائف الحكومية، إلا أنه كان يراسل في بعض الأحيان صوت الحجاز في عهد الأستاذين عبدالله عريف وأحمد قنديل، ويعد أول صحفي يتقاضى مكافأة على عمله كمراسل وكانت عبارة عن خمسمائة ريال كل ثلاثة أشهر كما كان مسؤولاً عن كتابة برنامجي عالم الأدب ومجلة المستمع بجانب كتابته لفكرة اليوم بالإذاعة السعودية، أصدر مع مجموعة من الشباب المثقف في الحجاز كتاباً بعنوان نفثات من أقلام الشباب الحجازي. ولا يزيدنا مثل هذه الأعمال إلا حصراً عنها لأنها تمس الأدب ووجدان الصحافي، أما أعماله الوظيفية فلها مكانها التاريخي منذ ان تلقى عبدالمجيد علي شبكشي عمله كمأمور للحاصلات بإدارة البرق والهاتف في جدة وحتى تقاعد عن رئاسة تحرير صحيفة البلاد سنة 1400ه ، كما ان عبدالمجيد شبكشي له عضويات متعددة كمؤسس فخري في عدد من المؤسسات العلمية والثقافية والخيرية فهو كذلك عضو اللجنة التأسيسية لجامعة الملك عبدالعزيز الأهلية وعضو لجنة المكتبة العامة بجدة، وعضو صندوق البر الخيري فيها وسواها من العضويات، حتى توفاه الله يوم الثاني عشر من ربيع الآخر 1411ه بعد رحلة عمر استمرت زهاء 73 عاماً - رحمه الله - . ويريد محمد المنقري وهو معد هذا الكتاب التذكاري عن الشبكشي ان يقرر بالشواهد العملية والحجج الأدبية والدلائل الصحفية على ريادة الأستاذ الشبكشي الحقة في المجالات التي ذكرها في هذا الكتاب بعد مرور عشرين عاماً على رحيل هذا الرجل العملي ليقول باختصار لقد ظلمه تاريخ الأدب وتاريخ الصحافة عندنا، فهو لم يأخذ حقه حتى الآن. وهذه المقولة لزميله وصديقه الأديب أحمد عبدالغفور عطار التي استشهد بها المنقري. ومن هنا انطلق معد الكتاب ليحرر حياة حافلة عاشها الشبكشي عملياً وتعليمياً وأدبياً وصحفياً. ولا أريد ان ألبس هذا التقرير بلباس الوظائف والأعمال الأمنية والداخلية التي ذكرها الكتاب أو الرحلات الداخلية والخارجية للعلم والعمل التي قام بها الشبكشي بقدر ما أتحدث عنه كأعمال وإنجازات معنوية صحفية وأدبية. وقد شكلت المؤسسات الصحفية في تلك الفترة الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين منابر الحركة الثقافية والمعرفية في المملكة العربية السعودية وأسهمت كثيراً في ابراز عدد كبير من الأدباء والمفكرين باعتبارها «صحافة رأي» أكثر من «صحافة خبر» ويتذكر الأستاذ الكبير عبدالمجيد شبكشي قائلاً ونعود إلى الاعداد الأولى الصادرة عن المؤسسة أي مؤسسة البلاد الصحفية، حيث زادت صفحات العدد الذي صدر بعد أسبوع إلى اثنتي عشرة صفحة وانظم إلى كتابها الأساتذة عبدالقدوس الأنصاري، حسين سرحان، محمد علي مغربي، أحمد إبراهيم غزاوي، محمد عمر توفيق، عبدالله عبدالجبار، محمد نصيف، محسن باروم، طاهر زمخشري، فؤاد شاكر.. وأفردت صفحات للبحوث الدينية والأدب والأطفال والمرأة والجيل الصاعد والاقتصاد، وأسندت صفحة الأدب إلى الأستاذ الشاعر مقبل العيسى، ثم الأستاذ الشاعر محمد صالح باخطمة، ثم الأستاذ علي محمد العمير وصفحة الجيل الصاعد إلى الأستاذ محمد سعيد طيب، وصفحة الاقتصاد إلى الأستاذ عباس عبدالمجيد وصفحة المرأة إلى الأستاذة ثريا قابل وصفحة الأطفال إلى السيدة رباب الدباغ. كما كان يقوم بالتعليق السياسي الأساتذة عباس فائق غزاوي ومحمد عبدالقادر علاقي وزين العابدين الدباغ والأستاذ محمد صلاح الدين، ومن الأسماء التي أصبح لها شأن كبير في فترة لاحقة الدكتور فهد العرابي الحارثي. ويضيف الشبكشي قائلاً: وأفردت الجريدة زاوية في الصفحة الأخيرة منها شارك الكتاب بها أعضاء المؤسسة الأساتذة محمد إبراهيم مسعود وعبدالله الدباغ وعبدالله السعد وحمزة بوقري، ومحمد حسن فقي، ومحمد فدا، كما خصصت عموداً في الصفحة الأولى كتب فيه الأستاذ عزيز ضياء ثم الدكتور عبدالله مناع. وكانت دار البلاد في ظل ندرة المنابر والمنتديات الثقافية كانت تشكل مع زميلاتها منتديات ومنابر يرتادها المثقفون ويتفاعلون مع أطروحاتها ويقدمون عطاءاتهم على صفحاتها بحرية وإبداع ومن هؤلاء على سبيل المثال: أحمد عبدالغفور عطار، محمد سعيد باعشن، أحمد محمد جمال، محمد حسين زيدان، حامد دمنهوري، عبدالعزيز التويجري، حمد الجاسر، عبدالعزيز الخويطر، محمد حسن عواد، عبدالعزيز الرفاعي، عبدالسلام الساسي، فؤاد شاكر، عبدالقدوس الأنصاري، ياسين طه، عباس فائق غزاوي، وعثمان شوقي وثريا قابل، عبدالله خياط، عزيز ضياء، علي العمير، عيد الجفري، طاهر زمخشري، أحمد محمد محمود، علوي الصافي، غالب أبو الفرج، يحيى باجنيد.. وآخرون والمثمر في هذا الإصدار الكتابي احتواؤه على معلومات وآراء في الشبكشي الكاتب والصحافي الأديب، أكثر هؤلاء كتبوا يقدرون دوره في تأسيس صحيفة البلاد وعمله فيها، وتطويره لها مثل محمد العلي الذي أبنه قائلاً: أنا حزين لفقد هذا الرجل الذي لا يفهمه الكثيرون الذين يفهمونه قلة كان شاباً ليس فيما يطرح من أفكار بل كان شاباً فيما يحمله من سلوك، وقال عنه الإذاعي سليمان العيسى: مات عبدالمجيد شبكشي ومضى عن هذه الدنيا الفانية بهدوء وقد عاش موظفاً وعاش صحفياً وعاش قلماً.. ومن الجدير ذكره احتواء كتاب المنقري عن أستاذنا الشبكشي مختارات مقالية وفكرية، منها السياسي والوطني والاجتماعي والديني والأدبي، الذي يشكل أكثر من خمسين مقالاً خاتماً بذلك الكتاب الذي حوى في صفحات عديدة على الصور الفوتوغرافية للرجل مع بعض زعماء العالم ومسؤولي الدول عامة وزملاء العمل الأمني والصحفي والأدبي زهاء خمسمائة صفحة من القطع العادي. يجدر بالذكر، ان من نشر الكتاب هما فوزي وأسامة عبدالمجيد شبكشي ابنا الراحل (1432-2011م) ط أولى.