رحل عن دنيانا الفانية إلى دار البقاء معالي الأخ والرئيس والزميل/ عبدالمحسن بن عبدالعزيز العكاس، وزير الشؤون الاجتماعية السابق، كنت معه القريب البعيد، بعيد عنه بحكم تكليفي اثناء تكليفه بمهمة الأمانة العامة لمؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي، وقريب منه بحكم التشارك معه في عضوية مجلس أمناء المؤسسة، والصندوق الخيري الاجتماعي، وبحكم الدور الاستشاري المحدود معه في بعض الملفات ذات الشأن الاستراتيجي بالشأن الاجتماعي.. وبحكم هذه الأدوار وجدت في شخصه طيبة القلب، ولين المعشر، ووجدت في تفكيره الرغبة المُلحة في إحداث نقلة نوعية في أداء العمل الاجتماعي، يأتي في مقدمتها خصخصة بعض جوانب الخدمات التي تقدمها وزارة الشؤون الاجتماعية.. وأحسبه نجح في ذلك - على الأقل - أن الأداة النظامية لهذا التحول قد أقرت من المجلس الاقتصادي الأعلى، باعتباره المرجعية الأولى لهذا الجهد.. ورغم أن فترة تكليفه بالوزارة كانت قصيرة إلا أنه كان يُسر لي دائماً، وفي كل مناسبة التقي فيها به، انه لم يستطع أن يتعايش مع (دولاب الحكومة) كما كان يحب أن يسميها.. وهذا ليس مفاجأة لي ولمن يعرفه، فأبو ناصر ابن القطاع الخاص بدءاً من أرامكو، مروراً بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، وانتهاءً بالمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق.. عبدالمحسن بن عبدالعزيز العكاس فإيقاع القرار بين عالم الشركات والقطاع العام يحكمه منطلق مختلف يصعب على من نما وترعرع في أحدهما أن يستطع عليه صبراً.. وقد كان، فقد ترجّل الرجل عن كرسي الوزارة قبل إتمام ولو دورة واحدة.. ومع ذلك، ورغم قصر المدة، إلا أنه والفريق الذي عمل معه في الوكالتين الرئيستين في الوزارة في حينه استطاعوا أن يحدثوا تحسيناً ملحوظاً في الخدمات الاجتماعية في وزارة عريقة، وأحياناً مثقلة، وفي ظل ارتفاع سقف التوقعات والمطالب المرتبطة بخدماتها.. كما أنه اكتوى مثله مثل كل مسؤول يعمل في وزارة خدمية بما هو متوقع بنار الفجوة بين الممكن والمأمول، أو بمقاومة رياح التطوير والإصلاح في المرافق الخدمية، ولعل هذا ما أكسبه ملمح اليأس الذي يبديه سراً أو جهراً بين أصدقائه وزملائه.. ومع كل ما تقدّم فإن فترة أبي ناصر تمثل دون شك قطيعة بين مدرستين في الفلسفة والتوجه والرأي في أسلوب وآليات العمل بالوزارة، يعلمها كل من كان قريباً منه، وهذا بحد ذاته إنجاز يحسب لمعاليه كلما ذُكر تاريخ هذه الوزارة.. ومثله مثل كل بشر، وكل مسؤول، يختلف الناس حوله خصوصاً في ظل التقييم العاطفي - وليس الموضوعي - لأداء المسؤول.. ولكن الحقيقة التي يجمع عليها الكل حوله أنه كان - رحمه الله - عفيف اللسان، نظيف اليد.. ختم الله له بالرحمة، وتجاوز عن السيئة، وتعازي جميع العاملين والعاملات بالوزارة لناصر، والجوهرة، وأم ناصر. * وزير الشؤون الاجتماعية