التبرع بالأعضاء عمل كبير يقدم عليه الإنسان بمحض إرادته في حال حياته، وعمل جليل بعد وفاته، وعلى الرغم من ذلك السمو، إلاّ أن هناك أعضاء في الجسد لا يمكن للمرء أن يمنحها لأحد، من منطلق الخصوصية الكبيرة، والشعور بالانتماء، ومن منطلق الشرعية التي تبيح ذلك أو تحرمه. وقد دار بين فقهاء العلماء جدل كبير في قبول فكرة التبرع ب "الأعضاء التناسلية" للجنسين، حتى تم الوصول إلى رأي يؤيده كثيرون، بعدم شرعية نقل تلك الأعضاء، ك "الخصيتين" لدى الرجل، أو المبيضين لدى الأنثى؛ لما في ذلك اختلاط الأنساب في حالة النقل، حيث نقل هذه الأعضاء من شخص إلى آخر، يؤدي إلى نقل الصفات الوراثية من الشخص الأصلي إلى الشخص الذي تم نقل العضو إليه، وفي ذلك تعد على الحق الإنساني في حفظ انتمائه لاسم واحد وأصل واحد، وهو الانتماء الوراثي لأسرة تحمل سمات ومواصفات لا تحملها غيرها من الأسر، وجاءت الحكمة الالهية في وجود خصائص لكل كائن بشري يورثها للأبناء الذي ينجبهم، ليحملوا عنه صفاته الوراثية، الأمر الذي قد ينتفي في حالة نقل أجزاء من الأعضاء التناسلية بين الأفراد. إن تحكيم الضمير من أهم الأمور التي لابد أن يعود إليها الإنسان في قراراته، خاصة حينما يجد نفسه بحاجة إلى الإنجاب، وقد يسافر إلى الخارج ليحصل على فرصة نقل أعضاء تناسلية تمكنه من الإنجاب، إلاّ أن الرقيب والخوف من القانون لا ينبغي أن يقتصر على وجودنا في داخل أرض الوطن، إنما لابد من الاحتكام إلى الله وشريعته.