بلغت أسعار إيجارات الوحدات السكنية في الأعوام الأخيرة مستويات عالية جداًّ، وعجز من خلالها «المواطن البسيط» عن تحملها، بل وانعكس ذلك على عدم قدرة الكثير على شراء الأراضي، أو بناء منازل تؤيهم وأسرهم؛ نتيجة التزامهم بدفع مبالغ كبيرة كإيجارات سنوية، فيما لجأ عدد من المواطنين إلى الاقتراض من البنوك لشراء مساكن متواضعة!. وشهد مطلع العام الحالي استقراراً كبيراً في أسعار إيجارات الشقق السكنية؛ نتيجة زيادة العرض في الأحياء الجديدة، والتي أفرزتها حركة الإعمار الكبيرة، ولوحظ انتشار اللوحات التي تتوسطها كلمة «للإيجار»، أمام وفوق واجهات العديد من العمارات، والمباني السكنية؛ نتيجة لزيادة العرض وتراجع الطلب. وكان مؤشر سوق الأسهم شهد خلال الأسابيع القليلة الماضية ارتفاعاً ملحوظاً، كما شهد مطلع الأسبوع الحالي تدفقاً للسيولة، بلغ أكثر من (17) مليار ريال، وهو الوضع الذي لم يشهده السوق منذ العام 2007م، الأمر الذي فُسّر بأن سوق الأسهم قد بدأ في تأثيره على السوق العقارية، كما يبدو أن تلك المؤشرات -بحسب متخصصين في الشأن العقاري- عبارة عن بوادر لعملية تصحيحية ستعود بأسعار الإيجارات إلى معدلها الطبيعي. رفع القيمة قبل سنوات بأسلوب «عاجبك والا اطلع» واليوم لم يتراجع عن موقفه رغم «ركود السوق»! «الرياض» وفي جولة ميدانية التقت بعدد من المواطنين الذين شددوا على أهمية أن يخضع ملاك الشقق والوحدات السكنية للأمر الواقع، والمبادرة إلى تخفيض الإيجارات، كنتيجة حتمية لما أفرزته معطيات المرحلة الحالية. ركود وتصحيح وأوضح «سعود القحطاني» -عقاري- أن السوق العقاري في الرياض يشهد ركوداً واضحاً في الوقت الراهن؛ بسبب التوقعات بحدوث انخفاض مرتقب في أعقاب التحرك الحكومي الواضح لحل أزمة الإسكان في المملكة، مضيفا أن الإيجارات سجلت إنخفاضاً ملحوظاً، يتراوح بين (10-20%) تقريباً في عدد من الأحياء السكنية بمدينة الرياض، مشيراً إلى أن حركة الركود تلك أدت إلى تخفيض عدد من أصحاب الوحدات والشقق السكنية قيمة الإيجارات، في حين رفض عدد آخر منهم تلك الخطوة، الأمر الذي أدى إلى بقاء الوحدات والشقق التي يمتلكونها خالية منذ حوالي شهرين تقريباً، متوقعاً أن تشهد الإيجارات السكنية في الرياض حركة تصحيح كبيرة، بعدما صعدت الإيجارات في الفترة الماضية إلى مستويات قياسية، مبيناً أن إيجارات المساكن تخضع لعدة اعتبارات، منها عمر العقار وطبيعة البناء والحي الذي يقع فيه العقار، إلى جانب الخدمات المتوفرة. سعود القحطاني يتحدث للزميل الزهيان «عدسة- محمد السعيد» قلّة الطلب وقال «عبدالهادي الدريس» -عقاري-: شهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة تضخماً في أسعار الإيجارات، بعد أن عجزت الجهات المعنية -حسب قوله- عن متابعة وكبح جماح ارتفاع الأسعار، مضيفاً أن الفترة الحالية تشهد ركوداً كبيراً؛ نتيجة كثرة العرض وقلة الطلب، إضافةً إلى إحجام العديد من المواطنين عن الدخول في مغامرة الشراء؛ خوفاً من انخفاض أسعار السوق العقاري، موضحاً أن قيمة الايجارات انخفضت في عدد من الأحياء السكنية في مدينة الرياض، وخاصةً في الأحياء غير المكتملة الخدمات، بمعدل (20%)، مشيراً إلى أن العديد من المستأجرين بدأوا في التفاوض مع أصحاب العقارات حول تخفيض قيمة الايجار، ذاكراً أن عدداً من المُلاّك استجابوا لتلك المطالب، وخاصة أصحاب المباني القديمة، في حين رفض العديد منهم الاستجابة؛ بحجة أن تلك المباني قد شيِّدت حديثاً، الأمر الذي أدى إلى بقاء أولئك المستأجرين في منازلهم، كون انتقالهم منها يؤدي إلى تكبدهم أعباء إضافية، نتيجة صرف مبالغ إضافية في نقل الأثاث، والتأثيث من جديد. محمد الفهيد يتحدث مع أحد المستأجرين فطنة ولباقة وأكد «صالح العتيبي» -مستأجر- على أنه لم يتوقع أن تنجح محاولاته في إقناع المالك بتخفيض سعر الإيجار بتلك السهولة، مبيناً أنه نجح في إقناعه بعد أن قضى في الشقة التي يسكنها خمسة أعوام، كان خلالها منتظماً في التسديد، الأمر الذي ساعده كثيراً في نجاح محاولاته، مضيفاً أن مبلغ الإيجار البالغ (22) ألف ريال، تم تخفيضه من قبل المالك ليصبح (20) ألفاً، وعن المهارات التي ينبغي على المستأجر أن يمتلكها لإقناع المالك بالتفاوض من أجل تخفيض قيمة الايجار، أوضح أنه على المستأجر أن يكون على درجة من الوعي والفطنة واللباقة أثناء مفاوضة المالك، مشدداً على أهمية معرفة متوسط إيجارات الوحدات المماثلة لمسكنه، وكذلك معرفة الخدمات، ثم جمع تلك البيانات والمعلومات التي حصل عليها لاستخدامها كأداة للتفاوض، مشيراً إلى أنه على المستأجر أيضاً أن يبدأ التواصل مع المالك مبكراً، حتى يكون لديه الوقت الكافي للتوصل إلى نتيجة مرضية عند التجديد، أو البحث عن مسكن آخر بقيمة أفضل وشروط أحسن إذا لم يستطع التوصل إلى اتفاق مع المالك الحالي، ناصحاً بأن تكون المطالب في حدود المعقول. صالح العتيبي على أمل وبيّن «وسيم الحمدان» أنه أُضطر مرغماً على البقاء في مسكنه الحالي، وعدم الانتقال إلى مسكن آخر، بعد أن باءت جميع محاولاته مع المالك بالفشل، مضيفاً أن أمر انتقاله سيكلفه مبالغ أكبر، حيث سيُضطر إلى تغيير بعض الأثاث، ويحضر مطبخاً آخر، الأمر الذي أدى به في النهاية إلى البقاء على أمل حدوث انخفاض أكبر في قيمة الايجارات خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الزيادة في قيمة الإيجار ليست من حق المالك ما دام المستأجر منتظماً في الدفع، وملتزماً ببنود العقد المتفق عليها سلفاً وقال «عبدالله سعد»: لم أكن أتوقع أن يخفض صاحب الشقة الإيجار، حيث كنت عازماً على الانتقال فور انتهاء مدة العقد، مشيراً إلى أنه ظل يدفع مبلغ (25) ألف ريال، قبل أن يفاجئه المالك بتخفيض السعر إلى (22) ألف ريال، مؤكداً على أن ذلك حفزه للبحث عن شقة أفضل في أحد الأحياء، حيث وجد ضالته هناك وبمبلغ (18) ألف ريال. وسيم الحمدان تخفيض مستبعد وذكر «محمد القحطاني» -مالك أحد العقارات السكنية-على أن زيادة قيمة الايجارات يتوافق عادةً مع قلة العرض وزيادة الطلب، مما يسهل على المالك وضع السعر حسب اختياره، وغالباً ما يرضخ طالب السكن للقيمة؛ بسبب قلة البدائل، مضيفاً أن شمال المدينة يختلف عن جنوبها، وشرقها يختلف عن غربها فيما يتعلق بزيادة السعر، لافتاً إلى أن فترة الركود الحالية، جعلته يفكر جدياً في عدم زيادة قيمة الايجار، خاصةً أن معظمهم ملتزمون بالتسديد في الموعد المحدد، وعن نيته في المبادرة إلى تخفيض قيمة الايجار تجاوباً مع حالة الركود، أوضح أنه لا ينوي ذلك، وخاصةً أن المبنى الذي يملكه في حالة جيدة، وتم تشييده حديثاً، إضافةً إلى أنه يقع داخل أحد الأحياء السكنية مكتملة الخدمات. عبدالله سعد جهة رسمية وأكد «محمد الفهيد» -مالك أحد العقارات السكنية- على أن رغبته في عدم زيادة المعاناة على المستأجرين لديه، في ظل ما يعانونه من ارتفاع في أسعار السلع الاستهلاكية، جعله يتعاطف معهم، من خلال عدم زيادة سعر الإيجار، مضيفاً أنهم يسكنون عقاره منذ خمسة أعوام، كانوا منتظمين خلالها في السداد، بل ومحافظين على المبنى، إضافةً إلى إصلاحاتهم اللازمة له دون الرجوع إليه، أو مطالبته بمبالغ مادية مقابلها، مبيناً أنه أجر لهم بمعدل (22) ألف ريال، لافتاً إلى أن هذا المبلغ معقول جداًّ، بالنظر إلى أن الكثير من الشقق المماثلة في نفس الحي مؤجرة بمبلغ (25) ألف ريال، ذاكراً أن هناك فوضى يعاني منها السوق العقاري فيما يتعلق بقيمة الايجارات، مقترحاً إنشاء جهة رسمية يرجع إليها المؤجر والمستأجر للفصل بينهما في حال نشب أي خلاف بينهما. محمد القحطاني