يبالغ العرب كثيرا وهم يتحدثون عن الجن والأشباح ويتفوق عليهم البدو في الصحراء عندما ينسجون حكاوي يتم تركيبها في قوالب قصصية مثيرة يستعرضون من خلالها ملكات قوة التصوير لديهم ما تلبث ان تسري وتكبر مثل كرة الثلج حتى تصير حقيقة يصدقها الناس أو يستمتعون بها على طريقة تلذذنا بافلام الرعب السينمائية ومن اجل تأكيد حدوثها فإنهم عادة ما يخترعون لها ابطالا ويلحقونها باسماء مشاهيرهم من فرسان وشعراء وما سواهم مثل قصة ذلك الذي اشترى خروفا واجتره في عتمة الليل خلف احد الفرسان المعروفين والذي التفت نحو صاحب الخروف قائلا بعد ان كشف امرا غريبا : ( اذا برق البرق طالع اسنان خروفك ) فاكتشف ان الخروف الذي كان ( ميت من الضحك ) لم يكن الا جنيا بهيئة خروف. أو ذاك الذي قفزت خلفه جنية وهو يسير في الليل على صورة فتاة جميلة. ركبت خلفه على ( ردوف الذلول ) فاستمر في سيره غير مبال ولم يزيد إلا قوله وهو يمسح على شعر رأسها ( أوي والله شعر ضافي ) لترد الجنيه ( وأوي والله عقل واف ) مثلها ابنة شيخ الجن التي خلصها البطل من ذئب قام باختطافها آخر لحظة فدعت منقذها إلى وليمة كبرى عند والدها شيخ الجن تبادل معه ومع وجهاء الجن أخبار المطر والربيع واستمع من شعرائهم قصائد وفاء تشيد ببطولته وتمجد سيرته وقبل ان يعود إلى عالم الأنس اهدوه خاتم الأماني (شبيك لبيك ). الانجليزي ديكسون تحدث في كتابه عرب الصحراء قبل ان يفك لنا لغز وجود اكوام الاحجار تحت شجر العوسج عن تملك هذا الاعتقاد عقول البدو أثناء ما اكد له ضويحي بن خريمط في ابريل سنة 1935م أن من الحكمة الابتعاد عن مدافن البدو وبخاصة في الليل وعلل ذلك بالقول : أن ارواح الموتى كثيرا ما تخرج من قبورها وتجلس فوق نثيلة القبر تتحدث مع بعضها فإن اقترب احد الاحياء منهم فإن الارواح تصيح عليه وتشتمه في كثير من الحالات. وربما تذهب إلى ابعد من ذلك لمنع الرجل بالقوة من متابعة طريقه برميه بالحجارة. ويعتقد بدو الاحساء والكويت بأن شجرة العوسج تحت حماية الجن ، ولذلك فإنهم لايقطعونها ابدا ولا يحاولون كسر أغصانها وهم يعتقدون بأن كل من يحاول المساس بالشجرة سيتعرض لملاحقة الجن وتعذيبهم له في الليل خاصة. ويعمدون دوما حين الاقتراب من شجرة العوسج إلى الدعاء إلى الله بأن يحميهم بقراءة البسملة ويرمي حجرا في الشجرة. ولذلك فأنت ترى شجرة العوسج دائما محاطة بكومة من الحجارة عند جذعها ، ومع ان الرجال يسخرون من ذلك عندما يسألون ، فإن الخرافة تبقى مغروسة في أعماقهم وليس لديهم الاستعداد للمخاطرة. وهناك بقعتان يعتقد بأنهما بشكل خاص مسكونتان بالجن في شمال شرق الجزيرة العربية : ابرق الخليجة : يشتهر المكان بأن نيزكا قد سقط فيه منذ ما يقرب من سبعين عاما ، ولم يسبق لي أن زرت ذلك المكان ولكنه يقع في السعودية في الطرف الجنوبي من منخفض الشق قريبا من الزاوية الجنوبية الغربية من المنطقة المحايدة الكويتية. وجميع بدو الكويت يعرفون المكان ولكنهم يتظاهرون بالخوف من الاقتراب منه لأنه كما يقولون مأوى للجن. وقد قام بعض علماء الجيولوجيا بالطيران فوقه عام 1932 م وأثار اهتمامهم كثيرا. وهم يقولون بأن المكان عبارة عن حفرة في الارض مساحتها ما يقارب 16 ألف متر مربع ذات جوانب منحدرة حادة بعلو 24 قدما ويخشى بعضهم الاقتراب من المكان عين العبد : يقع هذا المكان على بعد 30 ميلا شمال شرق ابرق الخليجة وتقع على الطرف الجنوبي من المنطقة المحايدة الكويتية من المنطقة المستنقعية المعروفة باسم ( المقطع ) والتي تكونت دون شك من عدة ينابيع ملحية والمستنقع مغطى بأشجار العوسج والتي يخشى البدو قطعها خشية ملاحقة الجن والارواح الشريرة ويرى العرب قصة مؤداها ان شيئا اسود اللون لا يعرفون كنهه يسكن وسط البركة وله رأس اشبه برأس الزنجي. ويطفو هذا الحيوان أو الجني بين فترة وأخرى على السطح كي يراه الجميع ثم يختفي ثانية. وفي اوقات أخرى فإن ذلك الشئ يخرج من البحيرة ويجلس على الضفة ويقول من رأوه بأنه يبدو من بعيد كما لو كان رجلا. ونظرا لان ماء العين غير صالح للشرب فإن الناس لايقتربون منه. وقد قمت انا نفسي بزيارة المكان المسكون بالجن مرتين ولا حاجة للقول بأنني لم أر ما يريب ، وقد رفض المرشدون الذين كانوا يرافقونني الاقتراب أكثر من 300 ياردة عدى رجل واحد شجاع هو مرشد الشمري بن طواله.