حين كتبت في مقالي الأخير عن حتمية قيام هيئة مكافحة الفساد بزيادة لنادي القادسية لوقف شلال الاتهامات المتدفق منذ سنوات بوجود شبهة فساد مالي وإداري، أو في الحد الأدنى هدر لمقدرات النادي ينثرها بين تارة وأخرى بعض النخب المعروفة في النادي، ومن بينهم إداريون رسميون، رأى البعض وكأنني قد فجرت قنبلة إعلامية على الرغم ان ما قلته أمراً عادياً إذا ما كنا - بالفعل - نتعاطى الإعلام بشفافية ومسؤولية، إذ لا ينبغي أن ندس رؤوسنا في الرمال أمام أي قضية حساسة؛ إذ لا سبيل لمعالجتها إلا بوجود من يعلق الجرس. الحديث عن الفساد في الرياضة السعودية ليس حديثاً طارئاً، فنحن نسمع عن وجوده منذ سنوات بعيدة، وفي غير جهة، إذ لا يكاد - ومنذ زمن بعيد - يعلن عن مشروع إلا ويتم تداول أرقامه المالية حيث يتم تحليلها ومقارنتها بمشاريع مماثلة في دول مجاورة، لنكتشف حجم الفارق المهول، ولا يخلو الحديث حينها من الغمز من قناة الفساد، بل حتى توزيع ميزانية الرئاسة العامة لرعاية الشباب ونصيب بند الصيانة منها لم يخلُ من القيل والقال، ليس على مستوى الشارع الرياضي بل حتى تحت قبة مجلس الشورى. نتذكر جيداً ما حدث في مايو 2010 حينما رمت لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بمجلس الشورى حجراً كبيراً في بركة الرئاسة حين تحدثت عن بند الصيانة في ميزانية الرئاسة، وهو الحديث الذي ظل ولسنوات يتم بهمس شديد، مشيرة إلى أنه يستنزف 800 مليون ريال من مجموعة الميزانية أي ما يعادل 80 في المئة. في إشارة إلى أن هذا الرقم مبالغ فيه، قبل أن ترد الرئاسة ببيان أوضحت من خلاله أن مخصصات الصيانة لم تتجاوز 437 مليون ريال بنسبة 37 في المئة، موضحة أن متوسط عمر المنشآت الرياضية 22 عاما. خلال الشهر الجاري فقط تم طرق موضوع الفساد في رياضتنا من غير جهة، وهو ما يؤكد على حقيقة أنه بات يلامس العظام إن لم يكن قد نخرها، سواء أكان فساداً مالياً أو إدارياً، فرئيس هيئة مكافحة الفساد يزور الرئيس العام لرعاية الشباب، والأخير يبدي ترحيبه بكل ما تطلبه الهيئة من الرئاسة، والأمير عبدالله بن مساعد رئيس فريق دراسة الخصخصة يؤكد في محاضرة له أن الخصخصة ستسهم في الحد من الفساد المالي والإداري، مؤكداً على وجوده في رياضتنا، والدكتور حافظ المدلج وهو المعني بالشؤون المالية والتسويقية في رابطة المحترفين يتهم بعض الإعلاميين بالفساد وتلقي رشاوى من جهات متنفذة، والإعلاميون يردون عليه بتحريك ملف عقود الرابطة والأرقام المغيبة فيها، وعلاقته المباشرة بها. في ظل تلك الملفات المفتوحة لا مناص من أن تباشر هيئة مكافحة الفساد مسؤوليتها بالتنقيب في كل الملفات الحساسة بدءاً من رعاية الشباب المؤسسة الأم، مروراً بكافة أذرعها من لجنة أولمبية، واتحادات رياضية، وأندية، ومنشآت، وليس انتهاء برابطة المحترفين، إذ ليس من المعقول استمرار انبعاث روائح الفساد مزكمة الأنوف، دون أي تحرك مسؤول؛ فدور الهيئة ليس مكافحة الفساد وحسب، بل حماية النزاهة أيضاً، واستمرار تشظي التهم قد يكون فيه إضرار بأبرياء، ومداراة على متهمين، وكما هو معروف قانونياً المتهم بريء حتى تثبت إدانته!