أبي الحبيب لا زلت أحن إليك أين أنت يا أبي؟! أبي لازالت صورتك تتراءى أمام ناظري في كل لحظة طيلة فترة غيابك عنا والتي امتدت إلى أحد عشر عاماً، وطالما ترنمت ببيت الشعر الذي يقول: طيفك يراود واحد فيك هيمان عيا الغلا ينزاح ويصك بابه فعلاً يا أبي لا زال باب الغلا والحنين مفتوحاً على مصراعيه بالرغم من طول فترة غيابك عنا يا والدي الحنون. أبي لازلت أشعر بأنني بحاجة ماسة إليك ولوجودك بقربنا فكم سعدنا بقربك وكم اطمأنت أنفسنا بوجودك. وكم استفدنا من تعليماتك العظيمة التي وجهتنا إليها. وبمثلك فليفتخر الأبناء فقد كنت لنا نعم المربي والقدوة الصالحة في القول والعمل وأنت أمي لا تعرف القراءة والكتابة، ولكنك تعرف القيم والمبادئ الفاضلة التي غرستها في نفوسنا وأبشرك يا والدي بأن تلك التوجيهات مثمرة إن شاء الله تعالى فلك منا الدعاء الخالص الذي نتوجه به إلى الله تعالى في كل لحظة. أبي أتصدق أنه لا يمر يوم إلا ونتذكرك، نتذكر حنانك وعطفك الذي طالما غمرتنا به ونحن صغار وحتى عندما كبرنا، نتذكر إنسانيتك اللامتناهية في التعامل معنا ومع جميع من يعرفك يا أبتي، نتذكر بسمتك الحانية التي ترتسم على محياك المشرق دائماً. يا أبي ليتك بقربي الآن، ليتني أصحو صباحاً لأقبل رأسك وأرتوي من نهر حنانك ؟!! أتذكر مشاعري عندما كنت في مقاعد الدراسة وبالتحديد في مادة التعبير فكم كنت أسعد عندما يكون درس التعبير عن الوالدين أكتب وأسجل كل ما يحلو لي من عبارات الشكر والثناء لأسارع إليك يا أبي وأقرأ تلك الكلمات لك والله لكأني بك الآن وأنت تبدي إعجابك بما كتبت وتشجعني وتوجهني فشكراً كل الشكر لك يا والدي الحبيب. أبي أحن إليك أحن إلى كلماتك العذبة، أحن إلى سؤالك عنا واهتمامك بنا وبأمورنا، أحن إلى تجمعنا بقربك أتذكر يا أبي يوم كنا صغاراً نتخاصم كل يريد أن يحظى بالجلوس بجانبك كم كنا سعداء في أيامنا التي خلت عندما كنت تعيش بيننا وبالقرب منا يا أبي، عد يا أبي وأعدك أن لا نزعجك كما كنا من قبل سأكتفي بالجلوس في آخر الغرفة فقط فقط أريد أن تكتحل عيني برؤيتك يا أبي الغالي. أبي لا زال صوت عصاك التي طالما اتكأت عليها يرن في أذني فكم فرحنا بصوتها الذي يخبرنا بقدومك للمنزل فنتسارع إليك لنحظى بتقبيل كفك الكريمة ونفرح بالحلوى والشكولاتة التي لا تغفل أبداً عن إحضارها لنا فرحنا بهذا الجو الأبوي الحاني وفرح من بعدنا أبناؤنا فقد نالوا حظاً وافراً من حنانك وهداياك المادية والمعنوية التي لها أثر كبير في نفوسنا. أبي عد يا أبي وأعدك أن أكون بارة بك، عد يا أبي وسنحملك على أكف الراحة التي حملتنا عليها من قبل، أواه يا أبتي كلما تذكرتك وراودني الأمل في لقائك أصدم بالواقع الأليم المرير فأتجرع الحسرة وأتذكر بأنك قد فارقتنا الفراق الأبدي في هذه الدنيا الفانية لقد مت يا أبي ولكن ذكرك في نفوسنا ونفوس جميع من عرفك لا يزال حياً. أبي الكل يدعو لك بالرحمة والمغفرة وان يجعل المولى قبرك روضة من رياض الجنة وأن يبدلك داراً خيراً من دارك وأهلاً خيراً من أهلك وأن نلتقي بك في الجنان عند الملك الرحمان. وقفة قصيرة : لكل من لا يزال أبواه على قيد الحياة أو أحدهما أهمس لكم قائلة سارعوا واستغلوا الفرصة الذهبية التي بين أيدكم بروا بهما كونوا لهما أرضاً ذليلة، وسماء ظليلة، قبلوا أيديهما كلما رأيتموهما فهما باب من أبواب الجنة فاحرصوا وسارعوا إلى دخول هذا الباب قبل أن يغلق فلا ينفع الندم.