في يوم الثلاثاء الموافق 26 ربيع الأول توفي والدي عبدالله بن عبدالعزيز الكنعان بعد معاناة مع المرض، جعلها الله له طهوراً ونوراً وتكفيراً، ورفعاً لدرجاتك، آه يا أبي أرثيك أم أرثي نفسي، فلم تكن لنا أباً بل كنت آباءً في أب واحد، كنت أباً وأشياء أخرى لا أستطيع أن أحصرها! لا أنسى يا أبي كم كنت رفيقاً بنا حنوناً علينا، معطاءً كريماً. إن صفة واحدة من صفاتك غفل عنها بعض الآباء كفيلة بأن تجعل أي أب في مصاف الآباء المثاليين، آه يا أبي منذ فتحت عيناي ووالدتي -رحمها الله- مريضة، كنت وفياً لوالدتي لأنها كانت مخلصة معك أيام شبابها، وبعد أن مرضت ظهر معدنك الأصيل في وفائك معها فلم تؤثر نفسك علينا ولم تبحث عن متعتك رغم قدرتك الجسمية والمالية، صبرت على ما أصابك وصرت لنا وأخواني وأخواتي الأب والأم في وقت واحد! كنا صغاراً وكنت توقظنا إلى المدرسة بعد أن تكون جهزت لنا الفطور إن كان الوقت صيفاً أو شتاء، كانت والدتي المقعدة لا تستطيع على ذلك فعوضتنا بحنانك وحبك وحرصك علينا فسددت الفجوة التي تحدث عند مرض الأم، فكم من يوم حضرنا من المدرسة فوجدناك تحضر لنا وجبة الغداء وقد دخلت المطبخ قبل حضورنا وطبخت لنا! كنت لطيفاً بنا وبأولادنا بعد أن كبرنا وتزوجنا، كنت حريصاً علينا ولا ينقطع حرصك علينا بكبرنا، كم كنت تفرح بقدومنا والتفافنا حولك أيها الكريم، لم تضجر يوماً منا أو من أولاد أخوتي وبناتنا، كم كنت رفيقاً حنوناً كريماً حريصاً علينا، لم تبخل علينا بأي شيء ولم نشعر بأي حرمان في وجودنا في ظلك، كم تمنت وتمنيت أن يطول بك العمر لنستمتع بك أكثر وأكثر، فكم أبدعت بسوالفك الجميلة وأضحكتنا بطرائفك، كنت مرحاً ضحوكاً، وكم أطربت مسامعي بقول الشعر الذي تحفظه عن غيرك، كنت طاهر القلب صافي السريرة لا تحمل على أي مخلوق حسداً أو غلاً مهما أساء إليك، كنت متسامحاً. كانت هذه من بعض خصالك التي لا تُحصى يا أبي مهما قلتُ ومهما كتبتُ ومهما فعلت فلن أوفيك أيها الكريم حقك ولن نستطيع رد ولو جزء يسير مما فعلت معنا. اللهم كما كان أبي لطيفاً ورحيماً وكريماً ومتسامحاً فتكرم عليه يا عزيز يا كريم يا رحيم برحمتك وكرمك وعفوك واجعله من ورثة الفردوس الأعلى يا رب وأجمعنا به ووالدتي والمسلمين أجمعين في الجنان. أسال الله أن لا يحرمنا أجرك ولا يفتنا بعدك. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. ابنتك/جواهر عبدالله الكنعان - الرياض