قال الدكتور مرزوق بن تنباك: إن الحديث عن المجتمع المدني والحكم الرشيد، موضوع يأتي على الأهمية بمكان عطفا على امتدادات الموضوع عبر أطياف المجامع ومشاربه الثقافية والسياسية والفكرية.. متخذا من سعادة المجتمع في بحثه عما هو الأفضل من ذي قبل مدخلا إلى الحديث عن نظامين الأول الشمولي السلطوي الذي يقوم بإدارة شؤون الناس بصفة عامة بوصفه مظلة للكثير من أنواع الأنظمة الإدارية في المجتمع المدني.. واصفا هذا النوع بطول فتراته.. جاء ذلك خلال ندوة أولى لفعاليات مساء يوم أمس الأول والتي أقيمت بعنوان (المجتمع المدني والحكم الرشيد) والتي أدارها محمد الدحيم، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2012م ، والتي شهدت حضورا كبيرا، تميز بكثرة المداخلات والأسئلة حول قطبي الندوة. المجتمع المدني مرهون بتعدد هيئاته.. ومن المحال وجود مجتمع مدني بدائي! وقال د. مرزوق عن الثاني: النظام الثاني يتمثل في النظام الديمقراطي الذي يقوم على البحث عن المساواة وطرق التشريع والتنفيذ والقضاء بوصفها ثلاثة أسس يندرج تحتها الكثير من المضامين فيما بين النظامين، إذ عرفت المجتمعات البشرية هذين النظامين منذ أقدم العصور، واللذان استمرا إلى وقت قريب. ثم انتقل بعد ذلك المحاضر إلى النظام الثالث الذي وصفه بأنه عرف منذ عقدين من الزمن، والذي يتمثل في نظام (المجتمع المدني) مستهلا الحديث عن هذا النظام من خلال عرض لبعض مفاهيمه التي وصفها بكثرة الاختلاف فيما تناولته تعريفاته، وخاصة في ظل الأنظمة الدولية الجديدة من جانب، والاختراق الثقافي العولمي من جانب آخر.. الأمر الذي تشكل عبره مجتمعات جديدة تقوم على التحولات المستمرة والتجديد والتحديث ما أنتج قيما جديدة، في ظل قطاعين رئيسين داخل المجتمعات ، أولهما القطاع العام، وثانيهما القطاع الخاص.. الأمر الذي تشكل عبره مفهوم المجتمع المدني وتشكلت خلالها قيمه. وأضاف د.بن تنباك في محاضرته عن جانب (الهوية) في المجتمع المدني، التي وصفها بالاختلاف في الرؤى.. مشيرا إلى أن المجتمع المدني فرض شكله على الأنظمة المعاصرة من خلال حراكه الاجتماعي عبر القطاعين الخاص والعام، الأمر الذي صحبه تحول في مجريات الأنظمة عبر مؤسسات القطاع العام والخاص، ما أفرز حالة من حيثيات في بنية السلطة المطلقة في الأنظمة السياسية، وما صحبه من تحالف ضمني من خلال الجهات الرسمية في الدول ورجالات الأعمال في الجانب الاقتصادي على سبيل المثال. لا يمكن أن تخلق هذه المؤسسات صفا مجتمعيا واحدا.. لقيامها على التعدد المختلف وقال د. بن تنباك: الحرية.. العدل.. المساواة.. منذ أن خلق الإنسان وهو يبحث عن أضلاع هذا المثلث، وعلى مستوى الساسة نجد المناداة بتطبيقها منذ أقدم العصور.. ما يجعل المجتمع المدني، يبحث اليوم في هذه المسلمات من حيث ماهية تطبيقها، والخلوص منها كمسلمات أولية بحاجة إلى ممارسة عبر القطاعين العام والخاص.. ومن هنا تظل مؤسسات المجتمع المدني من خلال مؤسساته ومجالسه وجمعياته المختلفة محل تداول لمثلث تنشده منذ أقدم العصور، إلى جانب ما يصحب هذه الأسئلة عبر هذه المؤسسات من زيادة وشيوع الأمر الذي زاد من وجود ضغوط من قبل تلك المؤسسات على النظامين الديمقراطي بحثا عن تطبيقاته من جانب ، وضد الشمولي بشكل أكثر ضغطا ونفيا أكثر من ذي قبل. ومضى المحاضر مستعرضا عبر شيوع مؤسسات المجتمع المدني ما شكلته من حراك جمعي ، وصولا إلى ما يعرف بالحكم الرشيد ديدن هذه الجمعيات، وفلك تدور في فضائه مؤسسات المجتمع المدني رغم تناميها وزيادتها من عام إلى آخر.. مستعرضا ما ظهر عبر مرحلة الحكم الرشيد ضمن هذا السياق من عقد مؤتمرات ولقاءات.. التي تحولت مع هذا الحكم إلى عين ناظرة وصوت بارز تجاه أمر ما. وعن الحكم الرشيد في سياق هذه العلاقة قال د. بن تنباك: أصبح الحكم الرشيد أصلا يدور في ثقافتنا وأدبياتنا، والذي تحول إلى حقيقة فاعلة لتعزيز الإيجابيات، ونفي السلبيات ايا كانت مصادرها أو مستوياتها عبر الحراك الاجتماعي بعيدا عن الانتماءات الحزبية أو ما شابهها، ما يجعل الحكم الرشيد يطلق عملا رجاليا ونسائيا منظما، لتطوير حراك الحياة الاجتماعية المنظمة، التي تقوم على المشاركة الفاعلة التي تهدف إلى المساواة والعدل والتسامح، بشكل هادف يسري في مختلف المنظومة الإنسانية، الأمر الذي يجعل من الأسس الثلاثة آنفة الذكر التي تتحول ضمن أسس ومقومات المنطلقات الأساسية لآليات تطبيق هذا الحكم الرشيد.. واصفا المصطلحين (الحكم الرشيد) و (منظمات المجتمعات المدني) مصطلحين جديدين لمرحلة معاصرة أصبحت المجتمعات المعاصرة أكثر ملازمة لها من خلال مؤسساتها المدنية المختلفة بكافة أشكالها وبمختلف مناشطها. وقال د. بن تنباك في رد على إحدى المداخلات، بأن المجتمع المدني بوصفه جماعة مؤسسة هيئة يجتمعون لهدف ما، تقوم بخدمة الصالح العام، في شكل نقابات ذات دور فاعل، وصوت حاضر، لا يمكن أن تشكل بناء على قرار سياسي عبر أنظمة الدول.. مؤكدا على أن التنظير سهل جدا، إلا أن التطبيق يجد أمامه بونا شاسعا فيما يلفه من متغيرات من عصر إلى عصر وخاصة عندما نربط مؤسسات المجتمع المدني بمسألة التغير العولمي وما يشهده من تحولات متتالية.. مؤكدا أن هيئة أو نقابة واحدة لا يصدق عليها مؤسسات مجتمع مدني.. مشيرا إلى أن غياب مؤسسات المجتمع المدني زاد من غياب الرؤية في مرحلة الربيع العربي.. مؤكدا بأنه لا يمكن وجود مجتمع مدني يتصف بالبدائية، إذ لم تصل المجتمعات إلى مرحلة مؤسسات المجتمعات المدنية إلا بعد حقب من التطور.