من المفارقات الغريبة والتي تطرح كثيراً من علامات الاستفهام، أن من يحققون الثروات الطائلة والكبيرة كما أعلن مؤخرا في مجلة " فوربس "، أن ذلك لا يعني بالضرورة نموا اقتصاديا في دولهم ، فقد أصبح من المسلّمات كثيرا حين نتمعن بها . فمثلا " كارلس حلو " يصنف بأكثر رجل يملك ثروة في هذا العالم بمليارات تفوق رقم الستين، ولكن أين " معظم " استثمارات هذا الثري ؟ إنها في المكسيك هناك في أمريكا الشمالية، في دولة لا تصنف من الدول الصناعية أو الأولى اقتصاديا. وحين ننظر للتالي من هو؟ بيل غيتس وبعده وارن بافيت هما أثرياء أمريكا الآن بثروات تفوق الستين للأول والخمسين للتاني طبعا ببلايين الدولارات ، ولكن واقع الاقتصاد الأمريكي يعاني أشد المعاناة منذ عام 2008 ، فماذا يعني ذلك ؟ من هذا المبدأ وهو زيادة وارتفاع الثروات لرجال أعمال ومستثمرين"عصاميين" في هذه الدول، ولن أخوض في الدول الناشئة أو النامية باعتبارها تفتقد كثيرا من التفصيلات والمعلومات وتعتمد كثيرا على السرية أو بالحد الأدنى ضبابية كبيرة في الحصول على المعلومات ، إن هؤلاء الأثرياء حققوا نموا في ثرواتهم رغم المصاعب الاقتصادية العاصفة والصعبة التي مر بها العالم ، تفسير ذلك هو الاستثمار الأمثل للفرصة في الأزمات، بحيث تصبح مجالا للاقتناص لا للتراجع أو الهرب والخروج من الأسواق ، ويملكون إستراتيجية احتواء الأزمات والمصاعب، وجرأة الاستثمار في الأزمات والشراء لا البيع ، وأيضا القدرة على استشراف المستقبل وتحديد اتجاهه وهذا مهم جدا وأصعب مراحل الاستثمار هي القدرة على"التصور" و" التوقع " للمستقبل بحيث تصبح من راكبي موجات الصعود وتحقيق الأرباح من البداية ، وكثيرا من الاستراتيجيات التي تتبع في الاستثمار أوقات الأزمات وهذا مهم. لا يجب النظر إلى أن الثراء هو مقياس للنمو الاقنصادي أو اقتصاد أفضل ، فسيطرة رجال أعمال على اقتصاد ممكنة من خلال الاحتكار ليس بسلعة أو خدمة ، بل احتكار يمكن أن نسميه " احتكارالتميز" أي أن العميل قد يجد البديل ولكنه يفضل منتجك أو خدمتك ، كما يحدث في شركات الأغذية أو المشروبات وهنا يتحقق الفارق . ومنها يتحقق الثراء بتحقيق رغبة العميل والسيطرة على السوق ، فقد نجد رجال أعمال أثرياء جدا ولكنهم يعيشون في بلاد نامية أو ناشئة ، وهذا ما يجب أن يدركه الجميع ، فقياس الغنى للدولة أو الاقتصاد من خلال ما يُنتج ويصدر ويحقق وفراً مالياً ومخزوناً نقدياً وأصولًا تنمو ونمواً سنوياً بنسب بطالة متدنية ويستمر هذا الاقتصاد بلا عقبات وديون، وعجز مالي قدر الإمكان عدا ذلك لا يهم المواطن البسيط ..