وزير الخارجية الروسي (لافروف) سمع بعد خطابه، كيف كان الرد السعودي الحازم وبما يشبه نقضاً لكل ما قاله، وكذلك الموقف القطري الذي لا يختلف عن اتجاه الأمير سعود الفيصل، على أن ما جاء من اتفاق على نقاط تعتبر الحد الأدنى، ولكنها تأتي توافقية، ويبدو أن الموقف العربي الذي قدرت روسيا مدى تأثيره على سياستها ومستقبل علاقاتها جعلها تعيد النظر بما اعتبرته معركتها مع الطرف الأطلسي.. المخاوف أن يكون ما قدمه الوزير الروسي غدراً ملطفاً يستطيع نقضه عند أي بادرة عربية أو غربية - أمريكية، بحيث تفسر النصوص، وتقتطع من سياقها لتحور باتجاه آخر، وهو ما عرفناه بالكثير من قرارات مجلس الأمن، لكن إذا كانت روسيا جادة بالضغط على حكم الأسد، وساعدت أنان في مهمته واقتنع النظام أن الدروب الوعرة التي دخلها لابد أن تتغير، وأن الحوار مع المعارضة الداخلية والخارجية لن يعني أنها قبلت التسليم من خلال فرض القوة والأمر الواقع، لأن النظام لم يعد بشكله ومضمونه مقبولاً، إلاّ إذا تغير جذرياً وإلاّ فالعودة إلى الصدام الخيار الآخر والمنتظر.. الموقف العربي، وإن لم يكن منسجماً بين أطراف وأخرى إلاّ أنه غيّر المعادلات الدولية بما في ذلك الحكم السوري، لأنه يعلم أن الطرف التاريخي الذي انطلق من تونس بالتغيير، لم يكن مجرد عارض عادي، وسوريا تحكم بأشرس نظام قمعي وطائفي، وبالتالي فالتغيير فرصته وحتى اعتماده على التأييد القادم من روسيا والصين، وتحالفها مع إيران لن يدوم لأن كلفة السير خلف نظام مرفوض من أكثريته الشعبية، يجعل الرهان عليه خطأ سياسياً واستراتيجياً.. المعارضة السورية منقسمة، وهذا سر ضعفها، لكن ما جرى من حالة هستيريا النظام، سيشكل نموذج إدارة جديدة في الداخل حيث كسرت حواجز التراخي والخوف، وهناك ثارات يعجز النظام وقفها طالما هو المعتدي والقاتل، إذا لم يعد النظر بمسلماته وسلوكه.. الصين، حتى الآن لم تأخذ بالخيارات الجدية، بأن تفسر موقفها وفق هدف محدد، وتعلم أن سياسة المناورة خلف روسيا، لا تساعدها على بناء علاقات إيجابية، بل ستكون موضع شك في سلوكها السياسي، وهي حساسة جداً، أمام المؤثرات عليها وخاصة من دول المنطقة التي لها مصالح كبرى معها.. إيران تعرف أن اتجاه البوصلة تغيّر، ومهما منحت وساعدت ووقفت مع النظام، فالشعب أنهى ثقته بها لأن انحيازها المبني على تحالف طوائف تتشابه بالأهداف، لا يعطيها الميزة التي جعلتها لاعبا داخل النظام وخارجه، بل حتى حزب الله سيرى أن الطرق ليست سالكة أمام غضبة شعب راهن على سلطته ودخل معها في ذبح الشعب السوري.. الجامعة العربية واجهت الموقف بصراحة تامة، وروسيا المعنية بكل شيء عليها أن تفهم سياق الأحداث قبل أن تكرر أخطاءها..